الأبعاد السياسية لطريق الحرير الرقمي (الحزام والطريق الصيني)

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2022-06-14 10:08:32

مبادرة الحزام والطريق تتألف من مكونين: طريق الحرير البحري، والحزام الاقتصادي لطريق الحرير، فضلاً عن طريق الحرير الرقمي الذي تم أضافته في عام 2015، وهو مشروع ثانوي جديد، إذ تصل قيمته 240 مليون دولار أمريكي من اجل تحديث المبادرة والاستجابة والاستفادة من العصر التكنولوجي الجديد. بدافع ورغبة من الحزب الشيوعي الصيني من لكي تكون الصين قوة عظمى تكنولوجيًا وتوظيفها سياسياً لاسيما في سياستها الخارجية.

ظهر طريق الحرير الرقمي في بكين كمبادرة مهمة لتعزيز القدرات التكنولوجية للصين، وفي الوقت نفسه، ضمان اعتماد المجتمع الدولي على التقنيات الصينية. كما ابتكرت الصين العديد من البرامج واتخذت خطوات مهمة للمضي قُدمًا في مبادرة طريق الحرير الرقمي في المنطقة الجوار الإقليمي والدول التي تحيط بطريق الحرير.

 وبعد إطلاق طريق الحرير الرقمي في عام 2015، أطلقت الصين برنامج تحالف بيانات الأرض الكبيرة للحزام والطريق، محاولة بذلك الاستغناء عن النظام الأمريكي (GPS  إذ شرعت الصين في إنشاء نظامها للملاحة عبر الأقمار الصناعية منذ )2000) لوضع حد لاعتمادها على نظام تحديد المواقع الأمريكي، وقررت تسميته "بيدو"( BeiDou ) ، الذي يُدار من قبل وزارة الدفاع الصينية.

ومن اهم الأهداف التي تتوافق مع المشروع الرقمي للصين في العالم ضمن استراتيجيتها الخارجية مع اغلب دول الشرق الاوسط وأفريقيا جاء ذلك متكاملاً مع المشاريع الصينية الأخرى ومن اهم تلك المشاريع هي :

1- مبادرة الحزام والطريق.

2- صنع في الصين 2025.

3- المعايير الصينية 2035.

إذ مثلت تلك المشاريع الخطوات الاستراتيجية للصين من اجل الدخول في مناطق تعدها جزء من النفوذ الأمريكي، لاسيما منطقة الشرق الأوسط.

فإن أهداف وتطبيقات “مبادرة الحزام والطريق” أخذت مساحات واسعة من الاستراتيجية الصينية، وابرز ما جاء فيها هو طريق الحرير الرقمي،  كونها تعد أساسًا جيوسياسية. وعلى سبيل المثال، يعد عنصر التجارة الإلكترونية في طريق الحرير الرقمي من اجل الاعتماد الاقتصادي للدول المشاركة على الصين، وبالتالي يخلق الظروف اللازمة لتحقيق هدف الصين المتمثل في أن تصبح قوة اقتصادية متعددة الجوانب في عملية الاعتماد على الاقتصاد الصيني. وعلى هذا الأساس سوف يكون لطريق الحرير الرقمي اهمية كبيرة في المستقبل نتيجة عدة اسباب :

 1- دور التجارة الإلكترونية والتكنولوجيا المالية من المجالات التي ستهيمن على المسارات الاقتصادية الوطنية في الأوقات المقبلة.

2- في حال استمرار جائحة “كوفيد-19” مما ينعكس ذلك إلى تحول سريع وهائل من عالم التجارة التقليدية إلى الرقمنة  (الإلكترونية).

3-  تسعى الصين من خلال السباق العالمي في مجال التكنولوجيا المالية، لا سيَّما فيما يتعلق بتبني تقنيات مثل العملة الرقمية، مع تقديمها لليوان الرقمي الذي يمكن أن يتحدى صدارة الدولار. وتوظيف تلك القدرات في المجال السياسي من اجل تحقيق التوازن الدولي على مستوى التنافس والصراع مع الولايات المتحدة الامريكية.

وهذا يعطي دور مهم جدا في عملية تحقيق نفوذ سياسي حتى وصل بعض الأحيان التحكم من خلال حاجة الدول للتقنية او للدعم الاقتصادي، مما يحد من عملية صنع السياسة الخارجية للكثير من البلدان ذات الاعتماد الكبير على الدول المصدرة للتكنولوجيا الحديثة.

ومنذ عام 2017 ذكر الرئيس الصينى (شى جين بينغ)، يجب أن نسعى إلى تطوير يعتمد على الابتكار والتعاون المكثف فى المناطق الحدودية مثل الاقتصاد الرقمي، والذكاء الصناعي، وتقنية النانو، والحوسبة الكمية، وتطوير البيانات الضخمة، والحوسبة السحابية والمدن الذكية من أجل تحويلها إلى طريق الحرير الرقمي فى القرن الحادى والعشرين.

على الرغم من أن طريق الحرير الرقمي كان في البداية عنصرًا فرعيًا، فقد أصبح الآن أبرز ما في “مبادرة الحزام والطريق” والسبيل الأساسي لتوسيع نطاق السياسة الخارجية للصين و أحد أبعاد دبلوماسيتها في علاقاتها الخارجية.

فيما تمثل الهدف الأساسي لطريق الحرير الرقمي من اجل تحسين الاتصال الإلكتروني الإقليمي والدولي فضلاً عن سعي الصين في الوقت نفسه للحصول على هوية ذات قوة عظمى في النظام السياسي الدولي. بمعنى آخر، يهدف إلى تعزيز الاتصال الرقمي من خلال دعم البنية التحتية الرقمية الإقليمية ومشاريع الأمن الرقمي التي تدمج الإنترنت والبيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي والعمل على تحديث القطاعات الصناعية المختلفة في الدول المشاركة في “مبادرة الحزام والطريق. وعلى هذا الأساس لا يمكن فصل الأهداف السياسية للصين بمعزل عن توجها ضمن (مبادرة الحزام والطريق). كما تحتاج اغلب الدول التي تقع على طريق الحرير أن تكون المخاوف السيبرانية حاضرة على مستوى الأمن القومي للدولة نتيجة توظيف القدرات التكنولوجية في طريق الحرير.