من يقف وراء سياسة دونالد ترامب طوال الاربع سنوات؟؟

التصنيف: دراسات

تاريخ النشر: 2020-07-29 05:26:11

د. مصطفى كامل / قسم الدراسات السياسية

للاطلاع او تحميل المقال بشكل pdf اضغط هنا

ينطلق كل رئيس في الولايات المتحدة في تنفيذ سياساته الداخلية والخارجية من عدة مرتكزات، منها المبادئ الليبرالية الديمقراطية، والقيم الامريكية العليا التي لا يجب أن يحيد عنها، ومبادئ وتوجهات الحزب الذي يمثله، فضلاً عن توجهاته الفكرية التي تترجم في برنامجه الانتخابي، وكل تلك الامور تحتاج فريق عمل من الخبراء لصياغتها واخراجها كمشروع قرارات او تترجم الى أفعال، وهذه هي مهمة مستشارين الرئيس و مراكز الابحاث في امريكا، فلكل حزب او توجه (ليبرالي- محافظ) في الولايات المتحدة مجموعة من مراكز الفكر التي تزوده بالافكار وتدافع عن سياساته، سواء كان هو في إدارة السلطة او خارجها، وتعد الولايات المتحدة الامريكية من اكثر البلدان في العالم احتضانا لمراكز الفكر، واكثرها شهرة على مستوى العالم ، حيث تعود تجربتها العريقة الى عام 1910، وقدم تجربة جاء من طبيعة نظامها الليبرالي الديمقراطي، ومؤسساته الثابته، وسعي النظام للحفاظ على الهيمنة العالمية، وطبيعة مجتمعها الذي يعتمد على مؤسسات المجتمع المدني جعل مراكز الابحاث تحتل الحيز الكبير في الولايات المتحدة من حيث صناعة القرار واتخاذه والتخطيط الاستراتيجي، فهي تعطي المشورة والبرامج لصانعي السياسة الامريكية، حتى أصبحت الإدارات الامريكية تعتمد بشكل كبير على تلك المؤسسات.

  أضف الى ذلك ونتيجة لأهمية تلك المراكز أصبحت تؤدي دور اكبر في تقديم المشورة الى صانع القرار الامريكي، فقد أصبحت مساهمة في صنع القرار، اذ ترفد مراكز الفكر الإدارات الامريكية المتعاقبة والوزارات  بالكثير من الباحثين لإدارتها، واصبح يطلق على حركة الانتقال من مراكز الابحاث الى الادارة السياسية  او بالعكس، اي من صنع القرار الى اتخاذه او بالعكس بعملية الباب الدوار.

وقبل معرفة اي المراكز البحثية التي تدعم الرئيس ترامب بالمشورة والموظفين لابد ان نتطرق سريعاً الى تعريف مراكز الفكر وما هي مهامها؟

لم يُجمِع الباحثون على تعريف واحد لمراكز الفكر والأبحاث، إلا أن من أشهرها التعريف الذي قَدّمه أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جورجيا هاورد ج.ويردا Howard J.Wiarda، حيث يُفسّرها بأنها، مراكز للبحث العلمي والتعليم، لكن ليست جامعات أو كليات، وهي ليس لديها طلبة، ولكن يمكن أن يكون لديها طلبة متدربون، وهي لا تقدم مساقاتٍ دراسيةً، ولكن تنظم العديد من ورشات العمل والتدريب والمنتديات، وهي لا تحاول أن تقدم معرفة بسيطة أو سطحية في كل المجالات، ولكن تركز بشكل معمق في قضايا أساسية في السياسات العامة[1].

أي أن وظيفة تلك المراكز هي تحليل وتفسير الظواهر والمشكلات ومحاولة تقديم الحلول لها، عن طريق تقديم رؤية شاملة ومجموعة من الحلول المناسبة للمشكلة موضوع الدراسة، وهناك من الباحثين من يقدم لها تعريفاً آخر، مثل: (مؤسسات الفكر والرأي هي منظمات تجري تحليل ومشاركة في البحث في السياسة العامة التي تؤدي إلى ظهور بحوث وتحاليل ونصائح توجهها السياسة العامة تتعلق بقضايا دولية ومحلية، وبهذا يجري تمكين صانعي السياسات العامة وعامة الناس من اتخاذ قرارات مستنيرة حول السياسة العامة).

لكن هناك من الباحثين من يفُرِّقُ بين مراكز الدراسات والابحاث ومراكز الفكر Think Tanks من حيث الوظيفة والغاية والعاملين فيهما.

مراكز الابحاث : هي مؤسسات معرفية وتشكيل جديد، يتفق ويساير المتغيرات الحديثة ويعد من اهم المخرجات العصرية واوضحها، والتي احتلت مرجعية فكرية واحياناً محورية لعملية صنع القرار بمختلف انواعها، ولا يشترط في بحوث المركز ان تقدم مستوى عالي في البحث العلمي بقدر ما يشترط الضوابط العلمية للبحث العالمي، وتهدف المراكز إلى تقديم تحليل أكاديمي وموضوعي صرف لمجموعة من القضايا قد لا تشكل بالضرورة مشكلات تواجه صاحب القرار، ولا تهدف بشكل رئيس توجه دراساتها وبحوثها للتأثير في عملية صنع القرار.

اما مراكز الفكر : وهي  جماعات مصالح او لوبيات لديها توجه وإيديولوجية معينة او مصالح مشتركة، تعمل على تقديم دراسات او مقترحات ذات مستوى عالي لمشاكل معينة، تهدف من عملها الى  توجيه صانع القرار نحو حلول او رؤى معينة لقضية ما، اي ان ميزتها هي تقديم دراسات او مقترحات يقوم بها خبراء على مستوى عالي، تتناول مجموعة من المشاكل التي تواجه صانع القرار بغية توجيه صانع القرار او الضغط عليه، ولا يشترط بمخرجات مراكز الفكر ان تعتمد الضوابط العلمية للبحث العلمي بقدر ما يشترط تقديم الحلول الناجعة لمشكلة معينة او التنبؤ بمشكلات او قضايا معينة.

اذن تشبه مراكز الفكر مراكز البحوث والدراسات شكلاً، لكنها تختلف عنها غايةً ومضموناً، وإن تقاربت التسميات وتشابهت، فمراكز البحوث (أوالأبحاث) لا ترمي إلى أبعد من الغايات الأكاديمية والحياد الموضوعي الصرف من حيث المبدأ، أما مراكز الفكر (أو التفكير) فتستهدف غايات استراتيجية محدّدة من خلال سعيها إلى الانخراط في صنع القرار السياسي العام[2].

وفق  مؤشر  ( "Global Go To Think Tank Index  "GGTTI) الذي تصدره جامعة بنسلفانيا هناك اكثر من (5.550) مركز بحث في حوالي 170 بلداً متقدم ، و الولايات المتحدة هي موطن لاكثر من (1835) من مؤسسات الفكر والرأي مع ما يقرب من (444) موجود في واشنطن، و 58٪ منها تأسس خلال الـ 25 سنة الماضية. وتحتل الولايات المتحدة المركز الاول على العالم من حيث مراكز الابحاث، ثم تليها الصين ( 512) مركز بحثي، تليها المملكة المتحدة  ( 444 ) مركز بحثي .

ويرجع تاريخ  ظهور اول مراكز الابحاث بشكلها الحديث في الولايات المتحدة الى عام 1910، وهو تاريخ  تأسيس معهد كارنيغي للسلام ، ومن ثم معهد بروكينغز في العام 1916، ثم معهد هوفر في العام 1918 ،و مؤسسة القرن  في العام 1919.

ويمكن تقسيم مراكز الفكر الأمريكية إلى أربع اقسام :

مراكز الفكر الأكاديمية التي ترتبط بجامعات او أكاديميات ، و مراكز ابحاث تعاقدية ذات قضايا محدد اي ان نتاجاتها محدد لعملاء يطلبون ابحاث معينة، مراكز الفكر المناصرة  لخط سياسي او إيديولوجي معين، ومنظمات أبحاث السياسات، وهي مراكز الفكر التي تعمل مثل الشركة في أنها تستخدم الإدارة و وطرق التسويق والمبيعات للأبحاث السياسية والمشورة السياسية.

يمكن أيضاً تقسيم مراكز الفكر من حيث التوجه السياسي - محافظة وليبرالية-، اذ تعد مؤسسة التراث  ومعهد مانهاتن أمثلة على مراكز الفكر المحافظة، ومركز التقدم الامريكي ذو توجه ليبرالي، وهناك مراكز ابحاث اخرى تختص بقضايا معينة تملك اتجاهاً خاصاً بها مثل مؤسسة بروكنجز وهي منظمة غير ربحية تراقب الاتجاهات السياسية العالمية، ومركز كارنيغي للسلام الدولي والذي يعنى بالشؤون الدولية، مركز كارتر الذي أنشأه الرئيس السابق كارتر يعنى بدراسة القضايا الدولية واستضافة المؤتمرات والتوسط في النزاعات الدولية.

تأثير مؤسسة التراث  Heritage Foundation على رؤساء الولايات المتحدة الجمهوريين.

في الولايات المتحدة الامريكية هناك الكثير من مراكز الفكر تمثل توجهات ومصالح مختلفة، فالحزب الديمقراطي ذو النزعة الليبرالية حسب المفهوم الامريكي ترتبط به مجموعة من المراكز الليبرالية التقدمية التي تداعم او تصوغ بعض من سياسته، واي رئيس يدير السلطة يمثل الحزب الديمقراطي يستعين بتلك المركز، كذلك الحزب الجمهوري ذو النزعة الليبرالية المحافظة، فهناك مجموعة من مراكز الفكر المحافظة التي تدعم توجهات الحزب وتصوغ بعض افكاره ويلجأ اليها الرؤساء عن الحزب الجمهوري، مثلا اعتمد الرئيس بوش الابن على معهد المشروع الامريكي للسياسات العامة American Enterprise Institute - AEI ، والديمقراطيين امثال كلنتون و اوباما اعتمدت على مركز التقدم الامريكي  Center for American Progress،

وتعتبر مؤسسة التراث من اكبر مؤسسات الفكر وذات التأثير الكبير في رؤساء الولايات المتحدة من الحزب الجمهوري (ريغان، بوش الابن، ترامب) وأصبحت بأفكارها اليمينية تمثل توجهات الرؤساء الامريكيين الجمهوريين.

   أسس مركز التراث في ربيع عام 1971،على يد إدوين فيولنر الذي يبلغ عمره في ذلك الوقت 30 عام كان يعمل مع النائب فيليب كرين، وهو جمهوري من ولاية إلينوي صاحب كتب (معضلة الديمقراطيين: كيف استولى اليسار الليبرالي على الحزب الديمقراطي)، إذ جاءت فكرة انشاء المركز بعد شعور المحافظين الجمهوريين أن الجماعة الاشتراكية في بريطانيا تحاول سرًا تحويل أمريكا إلى دولة اشتراكية عبر الحزب الديمقراطي، والاستياء من احتضان الرئيس ريتشارد نيكسون الجمهوري الليبراليين، بصفته فيولنر كان طالبًا جامعيًا في كلية ريجيس  انجذب  إلى حركة محافظة ناشئة اعتبرت ان عدو امريكا وعدوهم ليس فقط للديمقراطيين ذو الميول اليسار الاشتراكي، ولكن أيضًا الجمهوريين المعتدلين، واعتقدوا ان كِلا الطرفين منتمين الى الفابية البريطانية . في عام 1964  التقى فيولنر زميل له يعتنق نفس الافكار وهو باول وايريش البالغ من العمر 28 عامًا، وكانت لديهم فكرة انشاء مركز افكار يدافع ويروج للافكار المحافظة، وبذلك سعى ويريش وفيولنر إلى إنشاء نسخة من معهد بروكينغز من اجل التقدم بالنشاط المحافظ، لكن احتاج هذا المشروع الى تمويل وبالفعل عرضوا مشروعهم على جوزيف كورس، صاحب ماركة شركة البيرة الشهير (بارون بيرة كولورادو) الذي  استثمر  اكثر من  (30000) دولار في المشروع الجديد في بداية نشأته.

جمع فيولنر أيديولوجيته لمركز أبحاثه في خمسة مبادئ أساسية: المشاريع الحرة، والحكومة المحدودة، والحرية الفردية، والقيم التقليدية، والدفاع الوطني القوي، وهي المبادئ التي سوف توجه  جدول أعمال مؤسسة التراث، كان فيولنر وفريقه يتوقع خطر رفض جميع أبحاثه الجديدة ويعتبرونهم أداة للجمهوريين الأغنياء من قبل الحزب الجمهوري والجناح المحافظ داخل الحزب، ومن أجل مواجهة هذا الخطر ولبناء قاعدة أعضاء لمؤسسة التراث التي من شأنها أن تؤكد هوية المؤسسة المناهضة للمؤسسة الحزب الجمهوري التقليدي، لجأ إلى ريتشارد فيجويري وهو رائد التسويق للمشاريع المحافظة داخل الكونغرس، الذي كان أول من استخدم البريد المباشر لتوزيع مشاريع مؤسسة التراث وجمع الاموال للمشاريع المحافظة، وكانت إحدى الطرق للترويج لمؤسسة التراث هي إغراق الكونغرس بمنشورات الدعائية للمركز ونشرات المركز التحليلية لمختلف القضايا و لجميع أعضاء الكونغرس بشكل دوري، وتقديم المساعدة لمجموعات الدراسة للموظفين الشباب في الكونجرس، و تقديم التدريب لطلاب الجامعات، وبذلك احتلت مؤسسة التراث مكانها في وسط المؤسسة المحافظة المتزايدة، و كان نجاحها الأولي في جمع الأموال ينبئ بظهور طبقة المانحين الجمهوريين كقوة سياسية، وزيادة اعتماد الجمهوريين المحافظين على الإحاطات التي يعطيها لهم مركز التراث.

كانت اول مشاركة واستثمار كبير لمؤسسة التراث بالسياسة مع ادارة الرئيس السابق ريغان ، والمشترك الذي جمعهما هو التوجه المحافظ، فبعد ان رشح ريغان للانتخابات وبات نجاحه شبه مؤكد قامت مؤسسة التراث في الفترة التي سبقت انتخابات 1980 بإنفاق 250 ألف دولار لتجميع دليل شامل للحكم المحافظ أطلق عليه اسم (تفويض القيادة)، وقامت المؤسسة بتسويقه بقوة لأعضاء فريق ريغان الانتقالي، ولاسيما اقناع إدوين ميس بهذا الدليل الذي كان يشغل منصب رئيس الموظفين في ادارة ريغان في ولاية كاليفورنيا، وأصبح فيما بعد المدعي العام في واشنطن.

 وفي العام 1981 نشرت المؤسسة التقرير الذي يهدف إلى تقليص حجم الحكومة الفدرالية ويحتوي على أكثر من 2000 اقتراح خاص لدفع الحكومة الفدرالية إلى التوجه المحافظ، أثمرت المقامرة الكبرى لمؤسسة التراث الى ان يطلب ريغان توزيع الوثيقة المكونة من 1093 صفحة في أول اجتماع لمجلس الوزراء، وبالفعل لاقت دراسة مؤسسة التراث طريقه الى ادارة ريغان المحافظة، ويشير الكتاب والمراقبين ان  60% تقريباً من اقتراحات التقرير طُبقت مع نهاية العام الأول لريغان في مكتب الرئاسة. لذ تبنت إدارة ريغان افكار السياسة الخارجية التي قدمتها المؤسسة بما في ذلك تقديم  الدعم العسكري الامريكي لمجموعة من الدول  لمكافحة الشيوعية عن طريق دعم حركات المقاومة لقتال السوفيت في أفغانستان، وأنغولا ، وكمبوديا ، ونيكاراغوا ودول أخرى خلال السنوات الأخيرة من الحرب الباردة، كما دعمت مؤسسة التراث تطوير نظام الدفاع الصاروخي البالستي الجديد للولايات المتحدة، واعتمد ريغان تلك الرؤية وجعلها على رأس أولوياته في العام 1983 وسماها "مبادرة الدفاع الإستراتيجي".


 

ظلت مؤسسة التراث صوتا مؤثرا على قضايا السياسة الداخلية والخارجية خلال إدارة الرئيس جورج بوش الأب من بعد ريغان، وكان في طليعة مؤيدي عملية عاصفة الصحراء ضد العراق، وشكلت دراساتها نواة تفكير إدارة بوش بشأن السياسة الخارجية ما بعد الاتحاد السوفييتي، كما شاركت مؤسسة التراث في حروب الثقافة في التسعينات بين المحافظين والليبراليين، ونشر على اثر ذلك عدة كتب وتقارير كان اهمها كتاب (فهرس المؤشرات الثقافية الرائدة) بقلم ويليام بينيت، الذي رأى ان تزايد الجريمة في امريكا يعود الى النهج الليبرالي وطرح مؤشرات على ذلك مثل، زيادة الطلاق ، وانتحار المراهقات ، وتعاطي المخدرات ، وأربعة عشر مؤشرًا اجتماعيًا آخر[3].

    استمرت مؤسسة التراث في النمو طوال فترة التسعينيات ، وسجلت مجلة (policy review ) اعلى تداول بين الدوريات العلمية على مستوى امريكا والعالم، اذ اصبح  يطبع منها  23000 نسخة لكل عدد، وكان المركز يدافع عن الفكر المحافظ و معارض شديد لسياسات كلنتون وخاصة فيما يتعلق بخطة كلينتون للرعاية الصحية لعام 1993 والضرائب.

  استقال فيولير من رئاسة المؤسسة بعد عام 2012، بعد انتخاب اوباما لولاية ثانية بكل سهولة، ترأس المؤسسة  من بعده  جيمس وارن ديمينت، وهو رجل أعمال ومؤلف وسياسي متقاعد شغل منصب عضو في مجلس الشيوخ الأمريكي من ولاية كارولينا الجنوبية، وقد عمد الى بعض التغيرات الجذرية في المؤسسة منها، ابراز جيل جديد من الباحثين ذوي التوجه المحافظ من الشباب وعمل على  تخفيض عدد من القادة المخضرمين، من اجل تنشيط الاداء في المؤسسة التي اصابها الخمول، أخذت المؤسسة طوال ولايتين تحارب سياسات الرئيس اوباما وخاصة برنامجة الصحي (اوباما كير Obamacare).

ومع نهاية ولاية اوباما الثانية وظهور المرشحين الجمهوريين لخوض انتخابات 2016 برز اسم ترامب، لكن الاخير كان مثار جدل داخل الحزب الجمهوري، لم يكن الحزب موافق على ترشيح ترامب، وعلى اثر ذلك وقع أكثر من 100 شخص من خبراء الأمن القومي الجمهوريين على خطاب مفتوح يلتزمون به علنا ​​بمحاربة انتخاب ترامب، واصفين إياه بالمبتز، وبغير المتزن، ولديه توجه غريب بإعجابه بالديكتاتوريين الأجانب، وكان عدد كبير من الموقعين على ذلك الخطاب هم من مراكز الابحاث الجمهورية المحافظة، لكن مؤسسة التراث لم تكن من بين هذه المراكز، و تعاملت مؤسسة التراث مع ترامب في بادئ الامر كما كان الحال مع أي مرشح آخر، حيث أعطت موظفي حملته أكثر من اثنتي عشرة إحاطة وأرسلت لهم مع مجموعة من البطاقات التي تحمل مقترحات سياسة التراث، لكن  في الوقت نفسه كان قادة مؤسسة التراث يعملون بصمت وراء الكواليس لتأمين تعيينات عليا في فريق ترامب الانتقالي بعد الترشيح، فقد كانت الأولوية القصوى للجميع في التراث  هو اختيار الاشخاص لادارة ترامب ، فيولنر الذي لا يزال نشيطًا في مؤسسة التراث كعضو في مجلس إدارته، أول من انضم إلى فريق ترامب بعد المؤتمر الوطني الجمهوري في أغسطس 2016، وكان يرى ترامب يحمل مستقبلاً لمؤسسة للتراث أكثر من ريغان، لانه أراد بوضوح إجراء تغييرات مهمة للغاية على الصعيدين الداخلي والخارجي تحمل افكار يمينية، وارد اعادة تغير الكثير من الاشياء بوجهة نظر محافظة.

 

ترامب وعلاقته بمؤسسة التراث

على الرغم من الانتقادات الكثيرة التي كان يوجهها ترامب لمراكز الفكر لكونه كان يرى ان مثل هذه المؤسسات تسببت بكوارث كبيرة لامريكا بسبب تأثيرها الكبير على صياغة سياسة الولايات المتحدة، وعلى الرغم من أن بعض الدراسات تشير إن ترامب أقل اعتمادًا على ما يسمى مراكز الفكر مقارنة بالإدارات الامريكية السابقة، لكن في الواقع العملي يظهر العكس من ذلك ان اغلب سياسات ترامب نابعة من غرف تلك المراكز، والسبب في ذلك ان ترامب لم يمارس العمل السياسي، وغير عارف بدهاليز السياسة، هذا من جانب و من جانب اخر ان انضمام ترامب للحزب الجمهوري كان متأخراً وهو بذلك لا يمتلك معرفة في كيفية صياغة القوانين والمشاريع التي تحمل توجهات و إيديولوجية الحزب، ومن جانب اخر لم يكن لديه فريق ذو كفاءة عالية عمل طويلاً في السياسية الامريكية على الصعيد الفيدرالي.

لدى كل رئيس امريكي الصلاحية بتعيين مجموعة من الموظفين في الادارات الامريكية المختلفة الفدرالية و المقربة منه، وإن مهمة التوظيف في الحكومة هي التحدي الأول الذي يحدده كل رئيس من نواح عديدة، ومع نمو حجم الحكومة لاستيعاب اقتصاد الدولة والتدخلات العسكرية المتكررة والالتزامات الجيوسياسية المتزايدة التعقيد، ازداد حجم المهمة وخطورتها. ففي عام 1933 ، كان هناك ما يزيد قليلاً عن 200 معين للرئاسة في السلطتين التنفيذية والتشريعية. في نهاية ولاية باراك أوباما الثانية  كان هناك 4100.

وهذا كان بمثابة التحدي الاول لادارة ترامب عند توليه المنصب ومن أجل اخراج الحكومة للعمل في 20 يناير 2017، لانه لم يكن لدى الرئيس المنتخب نوعاً من البنية التحتية السياسية الموجودة مسبقًا للاعتماد عليها في تلك المهمة، ولأنه من خارج واشنطن العاصمة اعتمد في حملته الانتخابية على كل من دائرته الداخلية من ولاية كاليفورنيا، ومجموعة مكونة في الغالب من أصحاب الملايين من العصاميين الذين ساعدوا في تمويل صعوده السياسي، ولم يكن في جعبته عند قدومه الى البيت الابيض الا بقايا طاقم حملته الانتخابية المكون من ابنته وصهره وحارسه الشخصي الذي لم يغيره منذ فترة طويلة. ما هو أكثر من ذلك  في الأيام التي تلت انتخابه استبدل دونالد ترامب رئيس فريق التخطيط الانتقالي في عمليته الانتقالية الأولية للبيت الابيض  كريس كريستي ، واستبدله بنائب الرئيس الحالي مايك بنس وطرد حلفاء كريستي من الفريق، مما أدى إلى هدر شهور في عملهم من تجنيد وفحص الموظفين لادارة ترامب الجديد.

بما ان فريق ترامب لم يكن مستعداً لاختيار او لتوظيف الافراد في الحكومة الجديدة، كانت مؤسسة التراث  على تصور لتلك الظروف، ففي صيف عام 2014 ، قبل عام واحد من إعلان ترامب ترشيحه بدأت مركز الأبحاث المحافظة بتجميع قاعدة بيانات قابلة للبحث تحتوي على 3000 اسم من الافراد الليبراليين المحافظين المنتمين للحزب الجمهوري او المؤيدين لافكاره والموثوق بهم من جميع أنحاء البلاد، و الذين كانوا حريصين على الخدمة في حكومة ما بعد أوباما. أطلق على المبادرة مشروع استعادة أمريكا، على الرغم من أن ترامب لا يمتلك علاقة شخصية بالمؤسسة، لكن ترامب و مركز التراث لهم اهداف مشتركة منها السلوك المحافظ ، وترتيب اهداف الولايات المتحدة تحت شعار (استعادة امريكا)، والعنصر المشترك الاخر أن ترامب من رجال الاعمال وهو ذو توجه شبه محافظ، و مؤسسة التراث تعتمد في تمويلها على رجال الاعمال المحافظين .

وبالفعل سرعان ما امتلأت مكاتب ترامب الانتقالية بموظفي التراث الذين يقومون بتوظيف وفحص الموظفين للإدارة، وما مهد الطريق هو الاضطرابات التي سببها طرد كريستي واستبداله بمايك بنس، والاخير ضمت ادارته في العمل الانتقال للبيت الابيض ريك ديربورن الذي عمل فترة طويلة في  مؤسسة التراث قبل ان يصبح مدير التجمع المحافظ لمجلس الشيوخ، وكان للاخير دور كبير في الفترة الانتقالية وترشيح الاسماء التي تعطى له من مؤسسة التراث، وبالفعل قامت المؤسسة بتقديم اكثر من  600اسم شغلوا ادارة ترامب وفي أماكن مختلفة.

 ومن ابرز الذين تم ترشحهم او سبق ان عملوا في مؤسسة التراث في ادارة الرئيس ترامب هم جيمس شيرك المدافع عن التراجع عن حقوق العمال، والذي انضم إلى مجلس السياسة الداخلية بالبيت الأبيض، و ديفيد كروتزر الذي كان مشاركًا في تأليف لورقة سياسية لمؤسسة التراث التي تزعم أنه لا يوجد إجماع على أن الانبعاثات من صنع الإنسان هي المحرك الرئيسي لظاهرة الاحتباس الحراري، وهو سلوك يعبر عن التوجه المحافظ بهذا الشأن، لينضم إلى وكالة حماية البيئة، و روجر سيفيرينو مدير مركز ديفوس للدين والمجتمع المدني في مؤسسة التراث، و الذي عارض توسيع حماية الحقوق المدنية إلى المثليين والمثليات والمتحولين جنسياً ، انضم إلى وزارة الصحة والخدمات الإنسانية لإدارة مكتبها للحقوق المدنية، وكذلك انضم شون دوسي موظف التراث السابق الذي عمل في مركز التدريب والتوظيف التابع لمركز الأبحاث إلى مكتب شؤون الموظفين الرئاسي - الوكالة غير المعروفة المسؤولة عن توظيف وفحص المعينين في الفرع التنفيذي - كنائب مديرها.

وفي ربيع عام 2017 ، بعد بضعة أشهر فقط من رئاسة ترامب وفي خطاب ألقاه في الجمعية الوطنية للبنادق أعرب ترامب عن امتنانه لمؤسسة التراث لما قدمت له من خدمة كبيرة، وفي مناسبة الذكرى السنوية الأولى لتنصيب ترامب اصدرت مؤسسة التراث كتيب  يروج لكمية أجندة التراث -اي المشاريع التي رفعتها له المؤسسة- التي تبناها ترامب، ويشر الكتيب هناك ما يقارب  64 في المائة من سياسة ترامب مستمدة من مشاريع رفعتها لهُ مؤسسة التراث[4].

والان يشغل اكثر من 36 خبير من مؤسسة التراث اماكن مهمة في ادارة ترامب مثل ( وزارة التجارة، الدفاع، التعليم، الطاقة، وكالة حماية البيئة، الخدمات الصحية والبشرية، الأمن القومي،الإسكان والتنمية الحضرية، الداخلية، الإدارة والميزانية، النقل ، ومكتب إدارة شؤون الموظفين، والمكتب البيت الأبيض، ناهيك عن اكثر من 600 شخص تم توظفهم في المرحلة الانتقالية لادارة اترامب التي قادتها مؤسسة التراث في مختلف الادارات الفدرالية[5].

 

هيكلية مؤسسة التراث .

تأسست المؤسسة بشكل رسمي عام 1973 وهي منظمة للابحاث والتعليم، ورسالتها صياغة ودعم سياسات عامة محافظة قائمة على مبادئ الاعمال الحرة، والحكومة المحدودة السلطات، والحريات الفردية، والقيم الامريكية التقليدية، الدفاع الوطني القوي، وتنتج المؤسسة ابحاثا وتولد حلولا تتوافق مع معتقداتها، وتسوقها لدى الكونغرس، والسلطة التنفيذية، والأعلام .

تتكون هيكلية المؤسسة من مجلس أمناء مؤلف من 22 عضو برئاسة (توماس سوندرز)  يشرفون على 94خبير في مختلف الاختصاصات، 54 قائد ايضاً موزعين على مناصب مختلفة، ويحتوي المركز على 141 موظفا بما فيهم خبراء في مجموعة واسعة من القضايا السياسية والمحلية والدولية، ويتم توظيف الباحثين والخبراء في المؤسسة في ثلاثة معاهد بحثية: معهد الحرية والفرص الاقتصادية، ومعهد الأسرة والمجتمع، ومعهد كاثرين وشيلبي كولوم ديفيس للأمن القومي والسياسة الخارجية.

ووفق مبادئ مؤسسة التراث التي تنطوي على تعزيز المشاريع الحرة، والحكومة المحدودة، والحرية الفردية، والقيم الأمريكية التقليدية، والدفاع الوطني القوي، حددت مؤسسة التراث مجموعة من الافكار والقيم اليمينية المحافظة التي تلتزم فيها في عملها، وتأتي مشاريعها ضمن هذه الافكار وهي تطابق مع افكار وتوجهات الحزب الجمهوري، وهي كالاتي:

  1. تواجد الحكومة الفدرالية للحفاظ على الحياة والحرية والملكية، وقد أنشئت لحماية حقوق الأفراد وفقًا للقانون الطبيعي، ومن بين هذه الحقوق قدسية الحياة، حرية الكلام والدين والصحافة والتجمع ؛ الحق في حمل السلاح ؛ حق الأفراد في أن يعاملوا بشكل متكافئ وعادل بموجب القانون ؛ والتمتع بثمار العمل.
  2. تقتصر سلطات الحكومة الفدرالية على تلك المذكورة في الدستور ويجب ممارستها فقط لحماية حقوق مواطنيها. كما قال توماس جيفرسون ، "إن الحكومة الأقرب للناس تخدم الشعب بشكل أفضل". السلطات غير المفوضة للحكومة الفيدرالية ، ولا يحظرها الدستور ، محفوظة للولايات أو للشعب.
  3. يجب على القضاة تفسير وتطبيق قوانيننا والدستور بناءً على معانيها الأصلية ، وليس بناءً على ميول القضاة الشخصية والسياسية.
  4. يتخذ الأفراد والأسر - وليس الحكومة - أفضل القرارات فيما يتعلق بصحة أطفالهم، والتعليم، والوظائف، والرعاية الاجتماعية.
  5. الأسرة هي الأساس الجوهري للمجتمع المدني، والزواج التقليدي هو حجر الزاوية في الأسرة.
  6. يجب ألا يضع العجز والديون الفيدرالية أعباء مالية غير معقولة على الأجيال القادمة.
  7. يجب أن ترفع السياسات الضريبية الحد الأدنى فقط من الإيرادات اللازمة لتمويل الوظائف الحكومية المناسبة دستوريًا.
  8. يخدم الاقتصاد الأمريكي وازدهار المواطنين الأفراد بشكل أفضل من خلال نظام المشاريع الحرة، مع التركيز بشكل خاص على الحرية الاقتصادية وحقوق الملكية الخاصة وسيادة القانون. من الأفضل الحفاظ على هذا النظام من خلال السياسات التي تعزز التجارة الحرة وإلغاء القيود، ومعارضة التدخلات الحكومية في الاقتصاد التي تشوه الأسواق وتعوق الابتكار.
  9. يجب ألا تنتهك اللوائح المبادئ الدستورية للحكومة المحدودة والفصل بين السلطات.
  10. يجب أن تكون أمريكا أمة ترحيبية - دولة تعزز الاستيعاب الوطني وتحكمها قوانين عادلة وإنسانية ومفروضة لحماية مواطنيها.
  11. الإجراءات القانونية الواجبة وتتطلب درجة مناسبة من النية الإجرامية لاستحقاق العقوبة.
  12. يجب ألا تنتهك الاتفاقيات الدولية والمنظمات الدولية الحقوق الدستورية الأمريكية، ولا يجب أن تنتقص من السيادة الأمريكية.
  13. تكون أمريكا أقوى عندما تحمي سياساتنا مصالحنا الوطنية، وتحافظ على تحالفاتنا من الشعوب الحرة، وتواجه بقوة التهديدات التي تهدد أمننا، وتقدم الرخاء من خلال الحرية الاقتصادية في الداخل والخارج.
  14. أفضل طريقة لضمان السلام هي من خلال دفاع وطني قوي[6].

 

ماليا تبلغ ميزانية المؤسسة 80 مليون دولار، وتأتي هذه الميزانية من عدة جهات منها تبرعات العائلات الجمهورية الغنية و التي تؤيد الفكر المحافظ، مثلا تمنح عائلة (ريبيكا ميرسر) مؤسسة التراث 500.000 دولار سنوياً منذ عام 2013. و تعتمد أيضًا على شبكة من 500.000 من المانحين الصغار، وهم أعضاء في مؤسسة التراث، كذلك تمتلك مؤسسة التراث ، وكالة تجارية - تبيع رابطات العنق الخاصة بها "التراثية " نسبة الى اسم المؤسسة مطرزة بإصدارات مصغرة من شعارLiberty) Bell  جرس الحرية) الخاص بها، إضافة الى ذلك هناك الكثير من المانحين وخاصة الشركات، ووفق السنة المالية2019 لمؤسسة التراث بلغت ايرادات المؤسسة (75،065،736 ) دولارًا، اما النفقات فقد (86،808،369 ) بلغت دولارًا.

 

أنشطة مؤسسة التراث .

تهتم مؤسسة التراث بالعديد من القضايا، اذ لديها ما يقدر باكثر من ثلاثين مجال تهتم به، ما بين السياسة الداخلية والخارجية، والرعاية الصحية، والحد من التسلح، والبيئة، مسائل الدفاع، حقوق الانسان وخاصة حق الاجهاض وحقوق المثلين، المسائل الاقتصادية، والدفاع عن حرية التجار، والدولة الصغيرة، والضرائب البسيطة على الشركات الكبرى، وغيرها من الامور، وهي تنشر بانتظام مقالات وأبحاث  وتحليلات في مختلف المجالات تعبر عن موقف الفكر المحافظ  في موقعها الاخبار (The Daily Signal )، و تذكر صحيفة واشنطن بوست أن الموقع بدأ بميزانية سنوية تبلغ مليون دولار أمريكي وطاقم مكون من 12 شخصًا، معظمهم مأخوذ من المنظمات الإخبارية ذات الميول المحافظة بما في ذلك واشنطن تايمز، والمجلة الوطنية، وفوكس نيوز، وواشنطن إكزامينر، كذلك تمتلك مؤسسة التراث الموقع الإعلامي على شبكة الإنترنت ( www.policyexperts.org ) يقدم هذا الموقع اسماء العديد من اسماء الخبراء في السياسية الداخلية والخارجية المحافظين ومقالتهم وبحوثه كذلك يقدم الموقع اصدارت مراكز الابحاث المحافظة، بالاضافة الى أن المؤسسة تمتلك واحدة من بين افضل الدوريات السياسية وهي مجلة (policy review ) الى عام 2001 قبل ان تتحول ملكيتها الى معهد هوفر التابع الى جامعة ستانفورد.

وفق موقع المركز هناك اكثر من 100 خبير وباحث في السياسة مدعوون للإدلاء بشهاداتهم أمام الكونغرس ما يقرب من 40 مرة في السنة، و يظهر خبراء التراث يومياً في أفضل المنافذ الإخبارية الأمريكية - مثل Fox News و CNN و Wall Street Journal ، بالإضافة إلى وسائل الإعلام الجديدة مثل Facebook و Daily Signal. صنف برنامج (مراكز الفكر والجمعيات المدنية ""GGTTI "Global Go To Think Tank Index  )* في جامعة بنسلفانيا مؤسسة التراث كمركز التفكير رقم واحد لثلاث سنوات على التوالي(18-19-2020) في للتأثير على السياسة العامة، يتم إنتاج مؤشر(GGTTI) العالمي سنويًا عبر دراسة استقصائية دولية لأكثر من 7500 باحث، وصانع للسياسية، وصحفي، وهؤلاء في القطاعين العام والخاص، لتصنيف أكثر من 6600 من مراكز فكر من حيث قوة التأثير في السياسات العامة لبلدانهم، كذلك صنفت المؤسسة للسنة الثانية على التوالي(19-2020) كأفضل محتوى واستخدام على الانترنيت بين مراكز العالم.

اهم القرارات التي اتخذها ترامب بتوصية من مؤسسة التراث .

كانت اول استشارت مؤسسة التراث بعد مقابلة وتوظيف الموظفين في ادارة ترامب هي تقديم ثمانية مرشحين مؤهلين للمحكمة العليا للولايات المتحدة لملئ الشاغر، من قبل الباحث القانوني في التراث جون مالكولم، وبالفعل اختار ترامب قائمة مرشحيه للمحكمة العليا - وتم اختيار خمسة منهم من قائمة التراث.

في العام 2017 قام الكونجرس بتمرير اصلاح ضريبي تاريخ طوال عملية الإصلاح الضريبي بأكملها  في امريكا، لعبت التراث دوراً محورياً في المحادثات السياسة حول هذا الموضوع، حيث قدمت أفكارًا أصبحت واقعية في قانون التخفيضات الضريبية والوظائف لدارة ترامب، اذ استضاف المؤسسة العديد من اللاعبين الرئيسيين في ادارة ترامب لمناقشة ما يعنيه الإصلاح الضريبي للشعب الأمريكي، بما في ذلك: رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب، رئيس مجلس النواب بول ريان؛ رئيس لجنة الطرق والوسائل بمجلس النواب كيفين برادي والمزيد.

وفي العام ذاته ايضا تتبنى إدارة ترامب توصيات سياسية من مؤسسة التراث عن طريق رفد الادارة الامريكية بتقرير تحت عنوان ( التفويض للقيادة) تتضمن خمسة منشورات فردية للرئيس، واكثر من 334 توصية سياسية، وفي مابعد حدد التحليل الذي أكملته مؤسسة التراث أن 64 في المائة من وصفات السياسة في الدراسة  تم تضمينها في ميزانية ترامب، والتي تم تنفيذها من خلال التوجيه التنظيمي، أو قيد النظر للعمل وفقًا لمقترحات التراث الأصلية.

ومن اهم التوصيات التي اعتمدتها ادارة ترامب من التقرير هي[7]:

  1. مغادرة اتفاق باريس بشأن المناخ: في أغسطس 2017 ، أعلن ترامب أن الولايات المتحدة أنهت تمويلها وعضويتها في اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ.
  2. إلغاء الحياد الصافي: في ديسمبر 2017 ، اقترح رئيس لجنة الاتصالات الفيدرالية في ترامب إنهاء قواعد حياد الشبكة لعام 2015.
  3. إنهاء البرنامج الذي يحمي المهاجرين الشباب الذين دخلوا امريكا بشكل غير قانوني كأطفال[8].
  4. إعادة تشكيل الآثار الوطنية: تبنى ترامب توصية التراث بحظر الاستحواذ على الأراضي (الحد من حجم الملكية الفيدرالية وتقليله) عندما أصدر أمرين تنفيذيين لتقليص حجم الآثار الوطنية .
  5. إعادة سياسة مكسيكو سيتي: يمنع هذا الأمر التنفيذي أموال دافعي الضرائب من تمويل المجموعات الدولية المشاركة في الإجهاض وإنهاء التمويل لصندوق الأمم المتحدة للإسكان، في 23 يناير 2017 ، وقع ترامب على أمر تنفيذي بإعادة العمل بسياسة مكسيكو سيتي، في أول إجراء مؤيد للحياة .
  6. زيادة الإنفاق العسكري: تشهد ميزانية ترامب إلى زيادة قدرها 54 مليار دولار في الإنفاق العسكري لتحسين قدرات وقدرات واستعدادات القوات المسلحة الأمريكية.
  7. إصلاح برنامج المساعدة المؤقتة للأسر المحتاجة (TANF).
  8. السماح بتنمية الموارد الطبيعية: فتحت إدارة ترامب التنقيب في البحر وعلى الأراضي الفيدرالية، اذ أمر الأمر التنفيذي 13783 وزير الداخلية رايان زينكي ببدء أنشطة تأجير مناجم الفحم الفيدرالي بعد ان كانت متوقفه.
  9. إصلاح الهيئات الحكومية: كلف ترامب كل وزير من وزرائه بإعداد خطط تفصيلية حول الكيفية التي يقترحون بها تقليص نطاق وحجم إداراتهم مع تبسيط الخدمات وضمان تشغيل كل إدارة بشكل أكثر كفاءة ومعالجة دولارات الضرائب بشكل مناسب.
  10. الانسحاب من اليونسكو: في أكتوبر 2017 ، أعلن ترامب أنه أنهى عضوية الولايات المتحدة في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو).

كما شمل دراسة  (التفويض للقيادة) خمس منشورات اخذ منها الكثير في التطبيق في ادارة ترامب وهي: مخطط الإصلاح: أجندة سياسة شاملة لإدارة جديدة في عام 2017، مخطط للإدارة الجديدة: أولويات الرئيس، مخطط لإعادة التنظيم: تحليل للإدارات والوكالات الاتحادية، مخطط لإعادة التنظيم: مسارات الإصلاح والقضايا الشاملة، مخطط التوازن: ميزانية اتحادية للسنة المالية 2018

اما في عام 2019 فقد تبنى ترامب عدة توصيات من قبل مؤسسة التراث اهمها.

  1.  إغلاق ثغرات الهجرة . اذ استبدلت إدارة ترامب عبارة امساك مخالفي الهجرة والإفراج عنهم  بعد طلب اللجوء الى عبارة امساك المهاجرين واعادتهم الى بلدانهم وخاصة المكسيك من أجل المحاكمة، وكذلك ساهمة مؤسسة التراث بقانون عدم منح اجازات السوق للمهاجرين غير الشرعيين.
  2. صياغة برنامج لانقاذ الارواح من الاجهاض . اذ عملت مؤسسة التراث مع ادارة ترامب على اعاد برنامج الأبوة المخططة عبر برنامج تنظيم الاسرة (Title X  برنامج تنظيم الأسرة وهو قانون لتحديد أولويات احتياجات الأسر ذات الدخل المنخفض أو الأشخاص غير المؤمن عليهم، والغرض العام منه هو تعزيز نتائج الولادة الإيجابية والأسر الصحية من خلال السماح للأفراد بتحديد عدد أطفالهم). وعملت ادارة ترامب مع خبراء التراث لصياغة قيود جديدة على التمويل الفيدرالي للبحوث التي تستخدم أنسجة الجنين من عمليات الإجهاض الاختيارية.
  3. دعم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون لخروج بريطانيا من الاتحاد الاوربي، مؤسسة التراث هي على علاقة قوية بجونسون، وهي وأول مركز أبحاث أمريكي يدعو إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وشجعت على عقد اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
  4. انسحب الولايات المتحدة من معاهدة الأمم المتحدة لتجارة الأسلحة التقليدية، كان القصد من المعاهدة التي وقع عليها في عهد أوباما عام 2013 هو ضبط صادرات الأسلحة التقليدية من الدول منتهكة حقوق الانسان وقع عليها 193 ، لكنها ادارة ترامب اخذت بتوصية التراث التي ترى ان هذه المعاهدة ستهدد مع مرور الوقت حقوق التعديل الثاني للدستور الامريكي في الحقوق الفردية في حيازة الأسلحة وهي وجهة نظر رفضتها إدارة أوباما، كان التراث المركز الفكري الوحيد الذي أوصى بـ "عدم التوقيع" عليه.
  5. ساعد مؤسسة التراث في إنشاء تشريع نموذجي استخدمته خمس ولايات (ألاباما وأريزونا وجورجيا ونورث كارولينا وويسكونسن) لحماية حرية التعبير في الحرم الجامعي.
  6. انسحاب ترامب من معاهدة القوات النووية متوسطة المدى، وكان مؤسسة التراث المركز الفكري الوحيد في واشنطن الذي يحث الولايات المتحدة على مغادرة معاهدة القوات النووية متوسطة المدى (INF) ، التي انتهكها الروس.
  7. ستمرار إعادة البناء العسكري. تبنى قانون تفويض الدفاع الوطني لعام 2020 لمجلس الشيوخ العديد من توصيات مؤسسة التراث للميزانية الدفاعية والتحديث في القوات العسكرية والكثير من التوصيات الاخرى، وفي الوقت نفسه شارك قائد سلاح مشاة البحرية ورئيس أركان الجيش اثنين من تقارير مشروع التراث العسكري الأمريكي  حول مستقبل الجيش ومشاة البحرية.
  8.  التوصل إلى اتفاق بين الحزبين على اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا. لعب خبراء التراث دورًا رئيسيًا في صقل المسودات المبكرة للصفقة والوصول الى حل يرضي الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وهذه الاتفاقية من شأنها تعزيز هذه الصفقة التجارية الحماية لحقوق الملكية الفكرية وتفتح أسواقًا جديدة ، مع الاستمرار في معاملة العديد من السلع والخدمات بدون رسوم.
  9. العمل مع ادارة الرئيس ترامب لصياغة الاستراتيجية الامريكية حيال اسيا الوسطى (كازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان). وماهي المجالات الجديدة التي ستسعى فيها الولايات المتحدة للعمل مع هذه الحكومات.
  10. تبنت الادارة الامريكية مشروع التبني الايماني او الديني لمؤسسة التراث، اي اصبح هناك قانون يسمح لمقدمي خدمات التبني ورعاية الأطفال التذرع بالمعارضة الدينية لرفض تبني ألأشخاص المثليين للأطفال.
  11. تبنى ترامب مشروع قانون قدمته له مؤسسة التراث حول (حماية الحياة في المساعدة الصحية العالمية) وهو إعادة إدارة ترامب لسياسة مكسيكو سيتي في عهد ريغان، والتي تمنع الحكومة من إعطاء دولارات دافع الضرائب للمنظمات التي تروج أو تجري عمليات الإجهاض خارج الولايات المتحدة.

المصادر


[1] ابراهيم محمد حسن فراج، مراكز البحوث الدراسات تجسير الفجوة بين المعرفة والتطبيق, المركز الديمقراطي العربي,26. نوفمبر 2017,https://democraticac.de/?p=50712.

[2] مراكز الفكر: القوى "الناعمة" الجديدةو مؤسسة الفكر العربي،https://arabthought.org/ar/researchcenter/ofoqelectronic-article

[3]  TEVI TROY,The Dilemma of the D.C. Think Tank,The Atlantic,DECEMBER 19, 2017,https://www.theatlantic.com/politics/archive/2017/12/presidents-and-think-tanks/548765.

[4]  Jonathan Mahler, How One Conservative Think Tank Is Stocking Trump’s Government ,June 20, 2018 , The New York Times ,https://www.nytimes.com/2018/06/20/magazine.

[5] Trump TownThink Tanks,https://projects.propublica.org/trump-town/organization_categories/think-tanks.

[6] True North: The Principles of Conservatis,https://www.heritage.org/truenorth

* برنامج مراكز الفكر والجمعيات المدنية: هو برنامج تقدمة جامعة بنسلفانيا منذ 26 عام  عبر مجموعة كبيرة من الخبراء الدولين يقومون بتصنيف مراكز البحوث الدولية عن طريق  تفحص الدور المتطور والطابع المتطور لمنظمات أبحاث السياسة العامة. ومدى قدرة تلك المؤسسات على تقديم وقيادة سلسلة من المبادرات العالمية التي ساعدت على سد الفجوة بين المعرفة والسياسة في مجالات السياسة الحاسمة مثل السلام والأمن الدوليين والعولمة والحوكمة والاقتصاد الدولي والقضايا البيئية والمعلومات والمعلومات المجتمع ، وتخفيف حدة الفقر ، والرعاية الصحية والصحة العالمية.

[7] Heritage Impact, The Heritage Foundation,https://www.heritage.org/about-heritage/impact  

[8] Jeremy W. Peters,Heritage Foundation Says Trump Has Embraced Two-Thirds of Its Agenda, The New York Times , Jan. 23, 2018, of the New York, P 17.