التعـليـم التفـاعلي ودوره’ في الوقـايـة من التطـرف العنيـف

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2020-07-21 03:22:59

ورثت المؤسسة التربوية والتعليمية في العراق تراكمات الضغوط السياسية والاقتصادية والاجتماعية منذ ما قبل  2003  وصولاً الى واقعنا الراهن، مما أعاقها عن انتاج أجيال تفكر قبل أن تتبنى، وتحلل قبل أن تقتنع، فأصبحت الأجيال فريسة سهلة لأفكار التطرف والعنف والارهاب
مما يحتم تحديث العملية التربوية والتعليمية عبر اعتماد اساليب تعليمية أثبتت قدرتها على النجاح منها التعليم التفاعلي.
 جائحة كورونا رغم شراسة أخطارها على الصحة والاقتصاد   فتحت لنا بوابات التعليم الالكتروني التي يمكننا  استثمارها  في معالجة ظواهر سلبية مختلفة يأتي في مقدمتها التسرب من المدارس والامية،  كما يعد التعليم الالكتروني من جانب آخر فرصة  للاسراع ببناء المنشأت التعليمية وسد النقص الحاصل بعدد المباني التدريسية اذ بلغ عدد المدارس الابتدائية الحكومية والاهلية والدينية ( 15965) مدرسة ابتدائية للعام الدراسي 2017-2018  وقد أظهرت نتائج المسح أن عدد الطلاب المقبولين في الجامعات العراقية الحكومية والكليات الاهلية للدراسات الصباحية والمسائية كافة قد بلغ (233935) حسب أحصاءات وزارة التخطيط  .

ولأن التخطيط الإستراتيجي يركز على تحديد مواطن القوة بهدف استثمارها وتشخيص مواطن الضعف لغرض معالجتها ، سعيا لإيجاد أساس متين يمكن للمؤسسة التعليمية أن تعتمد عليه في اتخاذ قرارات استثنائية تحفز على استثمار الفرص المتاحة فالتخطيط يعني تصميمًا للمستقبل المأمول وتحديد الوسائل الكفيلة بصناعته.
 وانطلاقاً من أهمية دور المدرسة كمؤسسة اجتماعية لتزويد الطلاب بالخبرات والمهارات الاجتماعية الملائمة والتي تسمح له بالتفاعل الايجابي مع البيئة التي يعيش فيها وامكانية توظيف التعليم التفاعلي في الوقاية من ظاهرة التطرف العنيف المؤدي الى الارهاب عبر اعتماد الأساليب التفاعلية التي تجذب اهتمام الطلاب تشجيعا لهم على المشاركة بشكل فعّال في العملية التعليمية ، وفهم المواد بشكل جيد ، كما أنها تعزز تغيير السلوكيات المختلفة، اذ يعتمد التعليم التفاعلي على الجلسات الحوارية وتبادل الافكار والآراء والعصف الذهني ، والتحفيز على التفكير وتهيئة فرص حقيقية لتفاعل المتعلم مع بيئته ومجتمعه.
يعد التعليم التفاعلي من أهم أساليب التعليم  المعاصر ، اذ يستخدم التدريب لصناعة بيئة تعليمية تفاعلية بين الطلبة والاستاذ وكذلك يسهم باذكاء التفاعل بين الطلبة أنفسهم بهدف تحويل البيئة الدراسية من منفعلة أو سلبية الى تفاعلية إيجابية ، ان تدعيم الثقة بين المعلم والمتعلم تزيد من انتباهه و أهتمامه ومقدرته على الحوار والمناقشة في مناخ من الألفة والطمأنينة اسهاما بصناعة أفكار ورؤى تثري الحوارات التفاعلية وتشكل في المحصلة وقاية من الافكار المتطرفة .
ان استخدام المنصات الالكترونية أتاحت فرصا مشجعة ومشوقة للتعلم والتأكيد على استخدام مهارات التفكير العليا مثل التحليل والتركيب والتقييم وحل المشكلات أثناء تقديمهم للمعلومات ، اذ تعمل المنصات على الجمع بين مميزات أنظمة إدارة المحتوى الإلكتروني وبين شبكات التواصل وتمكين المعلمين من نشر الدروس والأهداف ووضع الواجبات وتطبيق الأنشطة التعليمية ، فالتعليم التفاعلي يعمل على تطوير الخبرة والمعرفة والتشخيص يمكن الطلبة مستقبلا من المساهمة في قيادة مجتمعاتهم.

ان دعم جهود القطاع التعليمي  ليكون جزءاً لا يتجزأ، بل مفصلاً محورياً، في التصدي للفكر المتطرف ودسائس قوى الشر والظلام التي لا تكف عن محاولاتها لاختراق العقول وبث السموم ، اذ لم تعد المواجهة الأمنية لوحدها كافية للقضاء على الارهاب والتطرف و تجفيف منابعه ، لذا لابد من صناعة استراتيجيات شاملة تتبنى  تعزيز قيم التسامح والوسطية والاعتدال وتكوين الاتجاهات الايجابية نحو المجتمع والوطن .
 وهذا ما ركزت عليه استراتيجية التطرف العنيف المؤدي الى الارهاب التي أقرها مجلس الامن الوطني عام 2019 لاستثمار القطاع التعليمي والتربوي لتسويق المفاهيم التي تدعو الى الاعتدال ونبذ العنف ، مشخصة بذلك العوامل والاسباب المؤدية الى التطرف العنيف والتحديات والفرص وإمكانية استثمار  وسائل المؤسسات التربوية والتعليمية والثقافية وغيرها من المؤسسات لتنفيذ الإستراتيجية ، فعبر تفعيل مفهوم التعليم التفاعلي يمكننا ترسيخ الخطاب المعتدل وتشجيعه ونبذ السلوكيات المسيئة والمحرضة على العنف كفرصة لاعادة تأهيل الافكار لبناء جيل يرفض ذاتيا نزعات التطرف العنيف وتداعياته العنفية بعد اعادة تشكيل أفكاره وبرمجة رؤاه في فضاءات التعليم التفاعلي.