السيـسي وإردوغـان ماذا سيؤسسان في ليبيـا

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2020-06-25 07:18:10

 

الباحث
م.م. محمد عباس اللامي
  2020-6-25

اكتسبت حكومة الوفاق الوطني دعم الامم المتحدة فاتخذت من طرابلس مقراً لها لممارسة شرعية الحكم في ليبيا كما نالت دعما من القبائل الجنوبية والإخوان المسلمين فضلا عن الميليشيات الثورية الاسلامية ومن جهة أخرى اكتسبت قوات حفتر شرعية نيابية بعد أن أيدها المجلس البرلماني المنتخب كما حازت على دعم دول مؤثرة كفرنسا ومصر و الامارات، ومما زاد المشهد الليبي المتلهب اشتعالا الاتفاق الذي أبرمه رئيس وزراء ليبيا السراج مع أردوغان للتعاون الأمني والعسكري وترسيم الحدود وسط غضب شعبي ورسمي وتنديد دولي من الاتفاقية التي تتيح لأنقرة اختراق أجواء ليبيا ومياهها الإقليمية دون إذن المجلس النيابي الليبي.
أما فيما يتعلق بمجالات الأمن والتعاون العسكري التي نصت عليها المذكرة الموقعة بين الجانبين الليبي ممثلا بالسراح والتركي عبر اردوغان فتشمل التعاون لإنشاء قوة استجابة سريعة ضمن مسؤوليات الأمن والجيش في ليبيا لنقل الخبرات والتدريب والاستشارات والدعم المادي والمعدات من قبل تركيا.
فضلاً عن تقديم خدمات التدريب والاستشارات والتخطيط العسكري المشترك ونقل الخبرات والتدريب والتعليم وأنظمة الأسلحة واستخدام المعدات التي تغطي مجالات نشاط القوات البرية والبحرية والجوية ضمن هيئة قواتها المسلحة داخل حدود الطرفين، أصحبت الاتفاقية نافذة المفعول بعد موافقة البرلمان التركي عليها في (الثاني من كانون ثاني/يناير 2020) استجابة لمذكرة الرئيس أردوغان التي تتيح إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا دعماً لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس التي تتعرض لهجوم من القوات الموالية للمشير خليفة حفتر .
فيما أعتبر مجلس النواب الليبي في بيان له أن الاتفاقية تهدف إلى تزويد الميليشيات الإرهابية بالسلاح، و"تسمح للجانب التركي باستخدام الأجواء الليبية ودخول المياه الإقليمية دون إذن، وهو ما يمثل تهديدا حقيقيا وانتهاكا صارخا للأمن والسيادة الليبية"
 تداعيات الصراع الليبي المحتدم اقتربت من تخوم مصر البرية  مما دفع بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ليؤكد "جاهزية القوات المصرية للقتال"، في رسالة تحذير صريحة للقوى الموجودة في ليبيا مضيفاً إن " أي تدخل مباشر من مصر باتت تتوفر له الشرعية الدولية ، سواء في إطار میثاق الأمم المتحدة (حق الدفاع عن النفس) ، أو بناء على السلطة الشرعية الوحيدة المنتخبة من الشعب الليبي (مجلس النواب الليبي)". 
ان هذه الكلمات الواضحة في خطاب السيسي تكشف حجم خطورة المواجهة وتأثيرها على الأمن الوطني الشامل ، اذ تنوي جمهورية مصر العربية تدريب وتسليح القبائل الليبية ، لمواجهة  القوات الممولة تركيا .
 الصراع على النفط والغاز وحيازة السيطرة على المنافذ بحرية – جوية وسياسية أيضا، يكمن في كواليس مشاهد الصراع الليبي مما ينتج اشكالا من المواجهات البينية والاقليمية والدولية.
ومما يجدر الاشارة اليه أن جغرافيا ليبيا الرخوة تشكل بيئة حاضنة لمجموعة من  المفاهيم تؤسس لتشكيل مجاميع أشد تطرفا من المجاميع التي تخوض المعارك الان ، فالحركات المتطرفة تنمو وتتكاثر في مناخات تحكمها القبائل المسلحة او الفصائل والميليشيات المدعومة من الحكومة التركية مما يخشى أن تمتد نيران الصراع الليبي لتشمل شمال أفريقيا في ظل امتلاك الجماعات المتطرفة امكانات تساعدها على التطور والانتشار مما يجعل الجغرافيا الافريقية في مهب الدمار. 
ففي ليبيا مثلا ، سمح غياب الأمن المزمن للجماعات المتطرفة بالوصول إلى أراضيها ، أما جارتها تونس فقد شهدت أعدادًا كبيرة من مواطنيها ينضمون إلى المنظمات الإرهابية، كما وقعت  ضحية لهجمات ارهابية واسعة النطاق، كما حدث في سوسة والحمامات ومتحف باردو الوطني في عام  2015 ، أما المغرب العربي فقد انخرط شرائح من مواطنيه في صفوف تنظيم (داعش) للقتال،  لذا  تواجه كل من تونس والمغرب التحدي الأمني المتمثل في أساليب التعامل مع المقاتلين العائدين ، ولاسيما أن الجماعات المتطرفة تعتمد في التجنيد على الفئات الهشة والدفوعات  المالية التي تغري بعبور  شمال إفريقيا  كوجهة للاجئين والمهاجرين. 
رغم العمليات الأمنية النوعية التي استهدفت زعيم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب ، الجزائري عبد المالك دروكدال في شمال مالي قرب الحدود مع الجزائر وتمكنت من قتله،  واعدام هشام عشماوي بعد أن سلمته قوات حفتر الليبية الى جمهورية مصر العربية الا أن هذه القيادات التي تقتل او تعدم او تلاحق ما هم الا أفرادا يطفون على السطح كما انهم في دائرة ضوء الاجهزة الامنية المحلية والدولية، لكن ما يؤسس له الآن من تجنيد للاطفال واستقدام مقاتلين أجانب يتم نقلهم من سوريا ودول مجاورة من ليبيا يشير الى صناعة بيئات حاضنة للتطرف العنيف والارهاب مما يتوجب على المجتمع العربي والاقليمي والدولي أن يعي خطورة السماح أو التهاون بتأسيس ودعم الجماعات المتطرفة التي ستؤثر حتما على الأمن الوطني الشامل في شمال افريقيا والمنطقة، مما يتطلب تعاونا وتنسيقا فاعلا يقي المنطقة من لهيب الاشتعال.