الصراعات الاقليمة واثرها على الامن الوطني العراقي

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2020-02-16 10:04:38

يعرف الامن الوطني على انه قدرة الدولة على حماية كيانها الذاتي ضد التهديدات والاخطار من اجل ضمان بقائها ولتحقيق ذلك يشترط وجود نظام سياسي متفق على خطة عمل امنية لحماية حدود الدولة الجغرافية فضلا عن وجود تنمية شاملة واقتصاد متكافئ، بالتالي تتجلى قدرة الدولة على ادارة ملف الامن الوطني الشامل .

للامن الوطني ابعاد خمسة وهي البعد السياسي والعسكري وهو يعمل على حماية الكيان السياسي للدولة، والبعد الاقتصادي الذي يهتم بتوفير احتياجات المواطنين وتوفير الرفاهية، والبعد الاجتماعي الذي يهدف الى تنمية الشعور بالانتماء والامن الاجتماعي، والبعد الايديولوجي الذي يرسخ مبادئ الحرية والقيم السائدة، والبعد البيئي الذي يعمل على الحفاظ على البيئة وحمايتها من التلوث .

اما الركائز التي يعتمد عليها الامن هي ادراك التهديدات (الداخلية والخارجية)، ورسم الاستراتيجيات لتنمية قوة الدولة وهي من الركائز التي تحدث باستمرار لتسارع المتغيرات والمؤثرات الداخلية والخارجية والمرتكز الثالث توفير القدرة على مواجهة التهديدات والمخاطر بشقيها الداخلي والخارجي واخر المرتكزات اعداد السيناريوهات للتهديدات ووضع الخطط لمواجهتها.

ومن خلال ابعاد ومرتكزات الامن الوطني يمكننا ان نعكسها على المتغيرات الامنية سوى المحلية او الاقليمية او الدولية لتتضح لنا صور التهديدات والمخاطر التي يمكن اعتبارها مهددات الامن الوطني العراقي في ظل الصراعات الحاصلة او المتوقع حصولها وهي بالتالي صراعات متداخلة اقليميا ودوليا تتجلى في عدة صور منها ماهو مرئي ومنها تهديات غير مرئية .

سنبحث في هذه الورقة المهددات التي وضعت لها درجة اقل في الاستراتيجيات الامنية السابقة بسبب ارتفاع مهدد الارهاب الا انها اليوم في ضوء المتغيرات الحاضرة لابد مراجعتها واعطائها درجة اكبر وخاصة مواضيع الامن وحماية الاراضي والاجواء العراقية .

فتهديد الطائرات المسيرة وتهديد الحرب التقليدية تتصدر التهديدات الامنية من اجل حماية كيان الدولة وهيبتها، فخطر الطائرات المسيرة في ظل تقدم التكنلوجيا الحديثة وسرعة التطور في هذا المجال اصبحت الدول تخصص استراتيجيات وامكانيات كبيرة لدرء هذا الخطر الذي قد يستهدف القيادات العليا او البنى التحتية او التجمعات او المراكز الحساسة بالدولة اما عن احتمالية الوقع فهي محتملة جدا في ظل تصاعد الصراعات الاقليمية .

اما التهديد الاخر المتمثل بالحروب التقليدية فهو محتمل ايضا بعد زيادة التوتر الحاصل في اغلب دول الجوار للعراق خاصة بين الولايات المتحدة وايران وبين سوريا وتركيا ومشكلة (pkk) حزب العمال الكردستاني، وزيادة النفوذ الروسي في سوريا فضلا عن تنامي قدرات وقوة الدول المجاورة للعراق في المجال العسكري والقدرات الفنية .

هل سيكون العراق جزء من حرب تقليدية بين الدول المتصارعة المشار اليها؟ .

هنا لابد من وضع السيناريوهات المحتملة لدائرة الصراعات وبالتالي التهيؤ لتعزيز القدرات العسكرية العراقية ومن ضمن السيناريوهات :

  • الصراع الايراني – الامريكي وقد بدأت ملامح ذلك الصراع بالهجمات الصاروخية التي كان العراق مسرحا لها من خلال استهداف موكب قائد فيلق القدس الايراني بطائرة مسيرة داخل الاراضي العراقية بالمقابل ردت ايران بهجوم صاروخي على قاعدة عين الاسد في العراق بالتالي تحققت الاخطار المشار اليها "الطائرات المسيرة والحرب التقليدية(الصاروخية)" ومازالت الازمة في تصاعد واحتمالية نشوب حرب على مستوى اوسع محتملة فلابد من تعزيز قدرات العراق باعلى المستويات لردع تهديد الطائرات المسيرة والصواريخ العابرة للاجواء العراقية.
  • الصراع التركي – السوري الروسي: تتصاعد الازمة السورية بصورة مختلفة هذه المره بعد تحرير اغلب المدن من الجماعات الارهابية الا ان وجود القوات التركية داخل الاراضي السورية وزيادة استهدافهم من قوات النظام السوري الذي قوبل بزيادة اعداد ومعدات الجيش التركي ليكون بتماس مباشر مع القوات الروسية الحليفة لسوريا هذا يجعلنا امام مشهد حرب معقدة متداخلة الاطراف قرب الحدود الشمالية الغربية للعراق مما يستدعي تعزيز امكانيات الجيش العراقي وقوات الحدود، ومع وجود تداخل قومي كوردي بين الدول "العراق،تركيا ، سوريا" ينذر بتمدد الصراع حال حصوله الى الاراضي العراقية .
  • الصراع التركي – الكوردي "حزب العمال الكوردستاني" التواجد التركي داخل الاراضي العراقي بحجة حماية الامن الوطني التركي من خطر هجمات حزب العمال الكردستاني الموجود داخل الاراضي العراقية على الشريط الحدودي وجبل قنديل قد يشكل تهديد امني فضلا عن خرق للسيادة الوطنية ولا يستبعد ان تتمدد تركيا حسب مصالحها الاستراتيجية داخل الاراضي العراقية مما قد يتطلب في نهاية المطاف وجود قوة رادعة قادرة على اخراج تلك القوات الخارجية وهذا الامر يتطلب تعزيز قدرات القوات العسكرية العراقية وتهيئة الجيش العراقي للحرب التقليدية بعد سنوات من المعارك في مجال مكافحة الارهاب والحروب داخل المدن، فضلا عن تعزيز قدرات الدفاعات الجوية العراقية لمنع الاختراقات الجوية التي يمارسها الطيران التركي .

بالتالي فان السيناريوهات المحتملة لها تاثير مباشر على ابعاد الامن الوطني العراقي وخاصة في البعد السياسي العسكري والبعد الاقتصادي فمن الضروري العمل على :

  •  وضع الاستراتيجيات والخطط الانية لمواجهة هذه المخاطر وخاصة في مجال اعداد الجيش العراقي.
  • تدريب قطعات الجيش العراقي والمشاركة بمناورات كبيرة للتعامل مع حرب تقليدية سوى ان كانت طويلة الامد او قصيرة .
  • التركيز على تجهيز الجيش والاجهزة الامنية باحدث المعدات والاسلحة للتعامل مع التهديدات المحتمله واعادة الانتشار وفق مسرح عمليات يتلائم والتهديدات المحتملة .
  • التسليح والتجهيز يعد اليوم استثمار ناجح لبناء قدرات قوية قادرة على حماية الحدود والاجواء العراقية من اي خطر محتمل لذلك من الضروري اطلاق خطة مالية وطنية من اجل شراء اسلحة وبناء معسكرات .
  • التركيز في تجهيز القوات المسلحة على الرادارات واجهزة الانذار المبكر والرصد ومعالجة الاهداف الجوية وخاصة الطائرات المسيرة المجهولة المصدر.