العراق عبر نافذة التزاماته الدولية

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2019-08-05 20:07:53

عندما ثتار قضايا حقوق الانسان في دولة معينة يتبادر الى الأذهان سؤال مهم  هو كيف  يتم  تقييم التزام الدول بالمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الانسان ‘ كيف يقاس وماهي الآليات التي تعتمدها الدول في التعبير عن مدى التزامها بتلك المواثيق  ، كيف تتعامل المنظومة الدولية مع الدول التي لم توقع او تصادق على اتفاقيات حقوق الانسان  ؟ ما هي جهود العراق للالتزام بمواثيق حقوق الانسان؟  لنجيب عن كل هذه الاسئلة  يجب ان ندخل عبر بوابة تعريف بعض المفاهيم منها تعريف الاليات التعاهدية او" التعاقدية" وغير التعاهدية.

تُعرف الاليات التعاهدية بانها الالتزام الذي يترتب على الدول عند تصديقها على  الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الانسان  وهي آليه تفرضها الأمم المتحدة لضمان امتثال هذه الدول بنص الاتفاقيات وتحويلها الى واقع عملي  ، فعندما تصبح الدول طرفاً في معاهدات دولية تتعلق بحقوق الانسان، تضطلع بالتزامات وواجبات في إطار القانون الدولي تتصل باحترام وحماية وتطبيق حقوق الإنسان. والالتزام بالاحترام يعني أنه يتعين على الدول أن تمتنع عن التدخل في حقوق الإنسان أو تقليص التمتع بها،أما الالتزام بالحماية فإنه يشترط على الدول أن تقي الأفراد والجماعات من انتهاكات حقوق الإنسان، والالتزام بالتطبيق يتضمن مطالبة الدول باتخاذ إجراءات إيجابية لتيسير التمتع بحقوق الإنسان الأساسية وتُضمن الدول التزامها عبر تقارير تقدمها بشكل دوري امام اللجان المعنية في مجلس حقوق الانسان والتي تنبثق عن كل اتفاقية وتتولى تلك اللجان مناقشة تقارير الدول في جلسات علنية وتصدر ملاحظاتها الختامية بشانها ومن حق الدول رفض او قبول التوصيات والملاحظات التي تصدر عن اللجنة .
وهذه اللجان هي( اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز العنصري اللجنة المعنية اللجنة المعنية بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية ـ اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأةـ لجنة مناهضة  التعذيبـ اللجنة المعنية بحقوق الطفل لجنة حقوق العمال المهاجرين اللجنة المعنية بالاخفاء القسري اللجنة المعنية بذوي الاحتياجات الخاصة اللجنة الفرعية لمنع التعذيب).

اما الآليات غير التعاهدية هي آليات دولية لاترتبط  بتوقيع او مصادقة الدول على  الاتفاقيات المعنية بحقوق الانسان اوجدتها الامم المتحدة لمراقبة وتقييم واقع حقوق الانسان في الدول وفي الحالات التي تتطلب تدخل دولي وهي( نظام الإجراءات الخاصة، أو ما يُعرف بنظام المقررين الخواص،  الإجراء 1503 المتعلق بالشكاوي السرية والتي تجيز للافراد والهيئات والمنظمات الوطنية اللجوء الى الامم المتحدة في حال استنفاذ وسائل الانصاف في بلدانهم و  آلية الاستعراض الدوري الشامل  UPR والتي اقرت عام 2006 ) .

 

العراق كان طرفاً في عشرة اتفاقيات دولية معنية بحقوق الانسان خمسة منها بعد عام 2003  بدءاً من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري التي انظم لها عام 1970 وانتهاءً باتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة 2013 ) والمتتبع لشؤون التزمات العراق الدولية يجد ان انضمام العراق لبعض الاتفاقيات خلال حقبة النظام الدكتاتوري المباد كان شكلياً لانه لم يكن حريصاً على الايفاء بالتزاماته  ومنها ما يتعلق بتقديم التقارير الدورية في مواعيدها المقررة مع الاخذ بنظر الاعتبار سياساته المنافية لحقوق الانسان جملة وتفصيلاً ، لكن هذا الواقع اختلف اختلافاُ جذرياً بعد عام 2003 حيث حرص العراق ان تكون التزاماته التعاهدية بوابته للعودة الى المنظومة الدولية وكان ذلك جلياً في  المادة الثامنة  من الدستور الي اكدت في نهايتها على احترام العراق لالتزاماته الدولية والمادة (58) التي بينت اختصاصات مجلس النواب  ومن بينها ( تنظيم عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية بقانون يسن باغلبية ثلثي مجلس النواب ) وكانت ثمرة هذا الالتزام فوز العراق بعضوية مجلس حقوق الانسان عام2016  وهو انجاز حوًل العراق من دولة رزحت تحت نظام مستبد لايقيم وزناً لحقوق الانسان الى بلد يؤمن ان تطبيق مبادىء حقوق الانسان هدفاً من اهداف الانظمة الديقراطية وان السير في ركب المنظومة الدولية يعيد للعراق مكانته باعتباره من اوائل الدول  العربية التي انضوت  تحت لواء المنظومة الدولية .

 

 

 

 

نداء عباس دريس

قسم الابحاث الاجتماعية