الحق في الجنسية للمرأة العراقية في ظل دستور جمهورية العراق لسنة 2005

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2019-05-26 16:01:04

أ.م.د.ميسون علي عبد الهادي

     تبرز قضية حقوق المرأة وحرياتها كجزء من كل متأثرة بالتحولات الدائمة والتعقيدات المختلفة التي تواجه هذه المسألة فللمرأة دور محوري في قلب المجتمع إلى جانب الرجل تسعى من خلاله إلى الإصلاح والتطوير وإلى بناء وصيانة أثمن القيم  الإنسانية المتمثلة بالحرية والعدالة ويعد حق المرأة في الجنسية من الحقوق الاساسية التي تنص عليها المواثيق الدولية ودساتير الدول ،لذا سنحاول من خلال هذه المقالة بيان ماهية الحق في الجنسية ومن ثم التنظيم القانوني لهذا الحق في ظل دستور جمهورية العراق لسنة 2005 النافذ وماهية الحقوق المترتبة على حصول المرأة العراقية على الجنسية العراقية.

لقد اختلف الفقه في تحديد معنى الجنسية، فمنهم من عرفها بأنها رابطة سياسية بين الفرد والدولة وعرفها البعض الاخر بأنها رابطة قانونية بين الفرد والدولة، في حين ذهب جانب آخر من الفقه إلى تعريفها بأنها رابطة سياسية وقانونية بين الفرد والدولة ويترتب عليها حقوق والتزامات متبادلة بينهما.

 وتبرز أهمية  الجنسية كونها تحدد الروابط السياسية والقانونية للفرد (ذكراً كان ام انثى )المنتمي للدولة الا ان معظم الدول العربية  قد تحفظت على مسألة جنسية المرأة المتزوجة من أجنبي مما دفع بعض الحكومات الى إعادة النظر في موقفها تحت ضغوط مارستها المنظمات النسائية ودعت إليها هيئات داخلية مناهضة لكل تمييز ينتقص من حق المرأة في الوجود وفي الهوية وقد طالبت العديد من المنظمات العربية بالقرارات التي أصدرتها تمثل آخرها بقرار تحت شعار (جنسيتي حق لي ولأسرتي) مطالبة برفع التحفظات عن المادة  التاسعة الفقرة (2) من اتفاقية إلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)كما طالبت بتعديل قوانين الجنسية وقد حققت هذه الحملة في سنة (2002) العديد من الإنجازات في عدد من الدول مثل ليبيا واليمن والإمارات والعراق في حين لم توفق تلك الجهود في بلدان أخرى بتحقيق حلم المرأة بالحصول على نفس الحقوق التي تمنح للرجل المتزوج من أجنبية.

          وفي العراق نص دستور جمهورية العراق لسنة (2005) على أن ((يعتبر عراقياً من ولد لأب عراقي أو لأم عراقية وينظم ذلك بقانون)).

          ومن هذا النص يتضح أن المشرع العراقي قد أخذ بحق الدم أو ما يسمى (الاساس العائلي) ويقصد به أن تثبت للشخص الجنسية الأصلية استناداً على رابطة البنوة، أي أن للشخص العراقي الحق في أن يأخذ جنسية الدولة التي ينتمي إليها آباؤه بمجرد ولادته حياً.

          وقد تبنى المشرع العراقي في قانون الجنسية العراقي رقم (26) لسنة (2006) النافذ الجنسية الأصلية على الانتساب لجهة الأب أو الأم بالتساوي وأراد من ذلك تحقيق المساواة بين الجنسين في هذه الناحية.

          فمتى ما ولد الشخص وكانت أمه عراقية لحظة ولادته فهو عراقي الجنسية ومن ثم إذا اكتسبت الأم العراقية جنسية دولة أخرى بعد ولادة الشخص فيبقى مولودها عراقي الجنسية طالما كانت أمه عراقية وقت ولادته إذ منح المشرع العراقي حق جديد لم يكن وارداً في قوانين الجنسية السابقة وهذا التوجه جاء انسجاماً مع ما ورد في الفقرة ثانياً من المادة (18) من دستور جمهورية العراق لسنة (2005) عراقية إذ منح فيه حق للمولود من أم عراقية الحصول على الجنسية العراقية الأصلية وهنا المشرع عالج حالة ما إذا كانت الأم فقط دون الأب تتمتع بالجنسية العراقية ودورها في نقل وثبوت الجنسية الأصلية العراقية لابنها بمجرد الميلاد بناءً على حق الدم المنحدر من الأم وحده ويشترط لمنح الجنسية العراقية للمولود من أم عراقية شرطين أولهما تمتع الأم بالجنسية العراقية أما عن الشرط الثاني فهو ثبوت نسب الابن لأمه العراقية قانوناً، فبناءً على حق الدم المنحدر من الأم يكون لها منح وليدها الجنسية العراقية ولا يؤثر أن تكون العراقية مستمرة بزواجها من والد ابنها الأجنبي أم منفصلة عنه أو متوفي عنها زوجها أو متزوجة بغيره وسواء كانت هذه الأم العراقية متمتعة بجنسية واحدة أو كانت تحمل أكثر من جنسية كما لا يؤثر حصول ابنها على جنسية أخرى أو أنه يحمل الجنسية الأخرى لأبيه كما لا يقام وزن لمكان تحقق الولادة سواء أكانت في داخل العراق أو خارجه.

          وتجدر الإشارة إلى أن المرأة العراقية تمنح الجنسية لابنها في حال ثبوت نسب الابن لأمه العراقية قانوناً وعليه لا يتم منح الجنسية العراقية الأصلية لمن لا يثبت نسبه إلى أمه العراقية لذا فإن النسب غير الشرعي والتبني ليس له نسب قانوني من أمه العراقية.

          إن مبدأ منح الجنسية الأصلية للمولود من أم عراقية هو مبدأ جديد لم يكن منصوصاً عليه في دساتير جمهورية العراق السابقة ولا في قوانين الجنسية الملغاة وأن دستور جمهورية العراق لسنة 2005 عندما نص على ذلك قضى على أحد أهم أنواع التمييز بسبب الجنس وأكد على مساواة المرأة والرجل في هذا الحق بعد أن كان الدستور السابق يقصر حق منح الجنسية العراقية على المولود لأب عراقي أما حق منح الجنسية العراقية للمولود من أم عراقية كان يحتاج إلى بعض الشروط حتى يمكن الاستناد عليها في منح الجنسية العراقية.

          ويتضح مما تقدم أن للأم العراقية دور مهم في نقل جنسيتها إلى أبنائها فهي تكتسب الجنسية العراقية بموجب الدستور. وتمنح الجنسية العراقية الأصلية لا بنائها وتبقى محتفظة بجنسيتها العراقية وإن تزوجت من غير العراقي واكتسبت جنسيته فهي لا تفقد جنسيتها ما لم تعلن تحريرياً تخليها عن جنسيتها العراقية.

 

 

 

 

 

 

المصادر:

- دستور جمهورية العراق، لسنة 2005النافذ.

- قانون الجنسية  العراقي رقم (26) لسنة (2006) النافذ.

- د. نجيب أحمد عبد الله، القانون الدولي الخاص، مركز صلابي للنشر، 2000 .

- د. رنده الفخري عون، التمييز ضد المرأة في ضوء أبرز المواثيق الدولية، دراسة مقارنة، طباعة ونشر وتوزيع مكتبة زين الحقوقية، بيروت – لبنان، 2013.

.

- د. ياسين السيد طاهر الياسري، الوافي في شرح قانون الجنسية العراقية، العاتك لصناعة الكتاب، الطبعة الرابعة، 2011.

د. عكاشة محمد عبد العال، القانون الدولي الخاص، الاسكندرية، دار الجامعة الجديدة، للنشر، 1996.

د. احمد فاضل حسين العبيدي، ضمانات مبدأ المساواة في بعض الدساتير العربية، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الأولى، 2013.

.