استراتيجية الصدمة في الحرب النفسية وأثر الإشاعة على الامن الوطني

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2018-11-14 19:44:34

محمد عباس اللامي

14-11-2018

تعد الشائعات أحدى أساليب الحرب النفسية مثلها مثل الدعاية والاعلان وغسيل الدماغ وافتعال الفتن والازمات ، كونها تصل الى أكبر عدد من الافراد باستخدام وسائل الاعلام المختلفة ،ولا تقتصر عملية بث الشائعات على حالة السلم ، بل تمتد الى ايام السلم والحرب حيث تستمر الحرب النفسية على جميع الاصعدة العسكرية والمدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية ، ولهذا فإن الخبراء لا يألون جهداَ في استخدام شتى الوسائل والاساليب لتحقيق الصدمة ، ومنها الشائعات .                     

ومن خصائص الحرب الدعائية الحديثة أنها تمارس في مجالات الحياة العصرية  كالسياسة  والاقتصاد والدبلوماسية والانشطة الثقافية أو الفكرية وغيرها ولخصوصية الشائعة فهي سلاح فعال بيد المحترفين من رجال الحرب النفسية فتستعمل للسيطرة على الاتجاهات الشعبية وزعزة الوحدة الفكرية والانتماء والتماسك الاجتماعي ، كونها تعمل على اخفاء اهدافها واساليبها وتحريك المشاعر الخفية واثارة الخواطر والمبالغة في تجسيم الواقع ، كما تعتمد الحرب النفسية على الايدلوجيات والشعارات بالتنسيق مع العمل السياسي لتحقيق الاهداف المنشودة ، في إشاعة عدم الثقة والتشكيك في المصادر الاعلامية للجهات المعادية ، وزعزعة إيمان العدو بأهدافه وبمبادئه ، كما تستثمر النجاحات والانتصارات بتضخيمها بهدف زعزعة الثقة وخلق الصدمة لغرض التسلل الى افكار ووجدان الافراد دون الوعي  الى الاهداف الكامنة وراءها ، كما تستهدف الصدمة المدنيين والعسكريين على حد سواء أي انها تستهدف الجبهة الداخلية والخارجية للمجتمع .

 

استراتيجية الصدمة كانت السلاح الابرز الذي استخدمته الجماعات الارهابية في حربها الاخيرة حيث استطاعت اسقاط اكثر من محافظة أمنياً وأحتلالها من خلال بث افلام ومقاطع فيديوية على وسائل التواصل الاجتماعي تسبق زحفها العسكري تجاه المحافظات وان هذه الاستراتيجية دفعت بالعديد من دول المنطقة الى تغيير استراتيجيتها في الامن الوطني باستبدال كافة خططه الدفاعية بخطط جديدة لمواجهة استراتيجية الصدمة التي استفادت منها داعش للسيطرة على محافظات العراق كم الصور والمقاطع الفيديوية التي بثت بشاعة وحجم اجرام داعش وتفننهم بقتل ضحاياهم من قطع الرؤوس او القائهم من فوق البنايات او اغراقهم بطريقة درامية مفبركة بحبكة مدروسة جعلتهم في موقع القدرة بالسيطرة على المناطق المحتلة بسهولة ويسر حيث كانوا يبثون الرعب والخوف في نفوس الناس اولاً ومن ثم تسلل هذا الخوف الى النفوس منتسبي الاجهزة الامنية التي تركت مواقها ولاذت بالفرار دون ادنى مقاومة الامر الذي ساعد الارهابيين ببث المزيد من الصور حول غنائم الحرب دون قتال من مواقع وتجهيزات واسرى و.و.و...غيرها من الافلام والصور الاخرى ، كل هذا شكل عاملاً أساسياً في الحرب التي قادتها الجماعات المسلحة بأقل عدة وعدد لكن بانتصارات توالت بشكل صدم العالم اجمع وجعل القوات الامنية في حيرة من امرها ,

وللشائعات المغرضة تأثير كبير على الامن حيث بعض الشائعات تضعف ثقة المواطنين في قدرة الاجهزة الامنية في الدولة على مواجهة الحوادث المختلفة ، وبالتالي فانها تضعف الروح المعنوية للعاملين في هذه الاجهزة ويساعد خوف المواطنين على تضخيم هذه الشائعات وسرعة انتشارها ، فتستخدم الشائعات للاساءة في علاقة المواطن مع الاجهزة الامنية ، وتهديد الامن الاقتصادي للدول والشركات الكبرى واسواق المال وغيرها من الاهداف التي تلعب دورا أستراتيجيا في حياة الناس بقصد خلق كل ما من شأنه إعاقة سير الانتاج والتنمية الاقتصادية ، كما تعمل الشائعات على إثارة الهلع والفزع وعدم الاحساس بالأمن في نفوس أفراد المجتمع ، كما أن الصلة وثيقة بين الشائعات من جهة وبين الشغب من جهة اخرى ، وللشائعات تأثير عام على صانعي القرار الامني سواء باحتمال التسرع في صنع القرار او الابطاء في بعض القضايا المهمة او سوء الحكم على امور مهمة .  

ويمكن للأجهزة الامنية ممارسة مجموعة من المهام للحد من هذه المخاطر كاستفادة الاجهزة الامنية من شبكات التواصل الاجتماعي في مقاومة الشائعات واقتراح قوانين لتشديد العقوبات على ترديد الشائعات على شبكات التواصل الاجتماعي ، وتوظيف شبكات التواصل الاجتماعي في التوعية الامنية ضد خطر نشر وترديد الشائعات و تعزيز أطر التعاون بين مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي والاجهزة الامنية للابلاغ عن أي شائعة لسرعة تحديد مصدرها وتحليل الشائعات بأسلوب علمي من حيث المضمون والمكان والزمان والفئة المستهدفة ، ومنح الاعلام الامني دورا أكبر في التوعية بأبعاد القضايا الامنية من خلال التغطية الاعلامية ومن خلال الاسهام في بناء المواطن وتحصينه ضد أي غزو اعلامي او فكري معاد ، أن للاعلام الامني دور بالغ الاهمية والحيوية بالمجتمع وركيزة اساسية لدعم وتنمية الحس الامني والوقائي لدى الافراد من خلال تعاونهم في حفظ الامن والاستقرار ، أضافة الى ان الاعلام الامني اصبح وسيلة لتوسيع الافاق المعرفية لافراد المجتمع حيث أصبح الامن مسؤولية تضامنية يسعى الاعلام لتحقيقيها .