صندوق الاستثمارات العامة السعودي واحلام محمد بن سلمان الاقتصادية

التصنيف: دراسات

تاريخ النشر: 2018-08-28 18:21:43

د. مصطفى كامل

تكمن ملامح مشروع محمد بن سلمان الاقتصادي في تبنيه فكر الانتقال من الاقتصاد الريعي الى اقتصاد السوق الحر والنظرية الكينزية  واخراج المملكة العربية السعودية من الاعتماد على الاقتصاد النفطي الى الاقتصاد التجاري المرتبط بالسوق الحر والذي يعتمد على الصناعة والسياحة تفاديا لهبوط اسعار النفط، كل هذه الافكار جسدها ابن سلمان في رؤية السعودية 2030.

رؤية السعودية 2030 تهدف  لتحرير الاقتصاد السعودي من الاعتماد على النفط، بعد أن شكلت عائداته نحو 90% من إجمالي الميزانية السعودية، وذلك من خلال تنفيذ برامج اقتصادية واجتماعية وتنموية، تنقذ الاقتصاد السعودي من تبعات استمرار تهاوي أسعار النفط، التي كبدت الميزانية السعودية عجزًا قد يصل إلى 20% من حجم الناتج المحلي الإجمالي، كذلك شملت هذه الرؤية خططًا واسعة لبرامج اقتصادية واجتماعية وتنموية تستهدف الانتقال بالسعودية، لمرحلة ما بعد النفط، وذلك بتحقيق اقتصاد مزدهر، ومجتمع حيوي، ووطن طموح، كما نص إعلان إطلاقها، وتستهدف الرؤية، رفع نسبة الصادرات غير النفطية من 16% إلى 50% على الأقل، من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي، ورفع نسبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة من إجمالي الناتج المحلي من 3.8% إلى المعدل العالمي 5.7%، والانتقال من المركز 25 في مؤشر التنافسية العالمي، إلى أحد المراكز الـ10 الأولى، يقول بن سلمان، في ما أطلق عليه اسم رؤية المملكة العربية السعودية 2030، إن الخطة الاقتصادية الجديدة ستزيد من دور القطاع الخاص من 40 إلى 60 بالمئة وستخفض نسبة البطالة من 11 إلى 7,6 بالمئة، وسترفع الدخل غير النفطي بشكل تصاعدي. وسيتم تمويل هذه الخطة من خلال الخصخصة الجزئية لشركة النفط السعودية العملاقة (أرامكو).

ادرك محمد بن سلمان ان مشروعة الاقتصادي التي تضمنته رؤية المملكة 2030 يحتاج إلى برامج تنفيذية تعمل على تطبيق هذه الرؤية و بالفعل أطلقت دفعة من اثني عشر برنامجاً تنفيذياً ومن اهم هذه الرامج هو  صندوق الاستثمارات العامة، ويعد اضخم صندوق استثمرات عالمياً إذ قدرت قيمته بما بين تريليونين واثنين ونصف تريليون دولار، وهو ما يعني أنه صندوق سيسيطر على 10% من القدرة الاستثمارية في العالم بحجم ممتلكات يقدر بأكثر من 3% من الأصول العالمية. هذا الصندوق الذي يأتي بهدف الحد من اعتماد المملكة على عائدات بيع النفط، ستستكمل قيمته حسب خطة طويلة المدى، من 10 إلى 20 عامًا، إذ سيصل إلى النضج بتغذية قيمتها تريليوني دولار، وذلك بهدف استثمار 50% من رأس مال الصندوق محليًّا، و50% خارجيًا. وسيتولى الصندوق دعم الخطط الاقتصادية للسعودية، وسيركز بشكل أكبر على الاستثمار الصناعي، لتعزيز المكاسب وتحقيق تنمية صناعية مستدامة، وبالتالي ستكون الاستثمارات السعودية من مصادر الدخل الرئيسة. و من اهم المشاريع الرئيسة التي اطلقها الصندوق والتي يشرف عليها بشكل مباشر او غير مباشر المشاريع التالية:

  1. مشروع نيوم: هو منطقة خاصة، عبارة عن وجه’ حيوية جديدة تقع شمال غرب المملكة، تسعى لتصبح مكاناً يجمع أفضل العقول والشركات معاً لتخطي حدود الابتكار إلى أعلى المستويات. وقد تم تصميم هذه المنطقة الخاصة لتتفوق على المدن العالمية الكبرى من حيث القدرة التنافسية ونمط المعيشة إلى جانب الفرص الاقتصادية المتميزة، إذ من المتوقع أن تصبح مركزاً رائداً للعالم بأسره. ويقع المشروع شمال غرب المملكة، ويشتمل على أراضٍ داخل الحدود المصرية والأردنية، حيث سيوفر العديد من فرص التطوير بمساحة إجمالية تصل إلى 26,500 كم2. و سيتم دعم المشروع باستثمارات تبلغ قيمتها 500 مليار دولار أميركي من قبل السعودية من اموال صندوق الاستثمارات العامة، بالإضافة إلى المستثمرين المحليين والعالميين. وسيكون المشروع منطقة خاصة مستثناة من أنظمة وقوانين الدولة الاعتيادية، كالضرائب والجمارك وقوانين العمل والقيود القانونية الأخرى على الأعمال التجارية، فيما عدا الأنظمة السيادية (هو كل ما يتعلق بالقطاعات العسكرية والسياسة الخارجية والقرارات السيادية بحسب ما تراه حكومة المملكة مناسباً)، مما سيتيح للمنطقة القدرة على تصنيع منتجات وتوفير خدمات بأسعار منافسة عالمياً. ويهدف المشروع بشكل أساسي إلى معالجة مسألة التسرب الاقتصادي في المملكة العربية السعودية، إلى جانب تطوير قطاعات اقتصادية رئيسة للمستقبل. وقد تم تحديد تسعة قطاعات اقتصادية رئيسية لتأسيس الحضور الاقتصادي للمشروع، تتمثل في: مستقبل الطاقة والمياه، مستقبل التنقل، مستقبل التقنيات الحيوية، مستقبل الغذاء ،مستقبل العلوم التقنية والرقمية، مستقبل التصنيع المتطور، مستقبل الإعلام والإنتاج الإعلامي، مستقبل الترفيه، ومستقبل المعيشة كركيزة أساسية لباقي القطاعات.
  2. مشروع القدية.أعلن  محمد بن سلمان عن المشروع في الربع الأول من 2017م. المشـروع رسـمياً مـن الـمقرر الانتهاء مـن الـمرحـلة الأولـى مـنه عام 2022. من خلال التفاصيل التالية تعرف على مشروع القدية عاصمة الترفيه المستقبلية بالسعودية. سيتم بناؤه عـلى مسافة تبلغ 40 كيلومترًا من وسط العاصمة الرياض.المساحة الإجمالية للمشروع تبلغ 334 كيلومترًا مربعاً. سيسهم المشروع في توفير حوالي 30 مليار دولار. صندوق الاستثمارات العامة هو المستثمر الرئيس في المشروع، إلى جانب نُخبة من كبار المستثمرين المحليين والعالميين. يكون المشروع تحت رعاية شركة "Six Flags" العالمية للمتنزهات الترفيهية.

يضم فعاليات ترفيهية ورياضية وفعاليات للسيارات، ومغامرات الألعاب المائية، ومغامرات في الهواء الطَلْق.و يحتوي على منطقة سفاري كبرى، تُغني المواطنين عن السفر إلى إفريقيا، إضافة إلى أكثر أنواع التخييم رفاهية، ومنها ما هو داخل الكهوف. كذلك يحتوي المشروع على مركز للفضاء في مدينة القدية، وكانت المملكة قد أعلنت إنشاءه بالتعاون مع ريتشارد بيرسون مؤسس "فيرجن جروب". إلى جانب سلسلة من أرقى البنايات المعمارية والفنادق الراقية والمطاعم والأسواق؛ لتوفير المزيد من الراحة والاستجمام للزوار. وسيكتمل بناء المشروع عبر 3 مراحل ليكون الوجهة الأمثل والأنسب لكل شرائح المجتمع السعودي.

المرحلة الأولى

بدأت المرحلة الأولى الاولى للمشروع في 2017، وبدأ التنفيذ الفعلي في تدشين البنى التحتية للصرح الكبير، وبناء مرافقه الترفيهية المميزة، وحسب المخطط سيتم افتتاح أعمال المرحلة الأولى في عام 2022م.

ومن المنتظر أن يكون أول المشروعات هو إنشاء منتزه ترفيهي للألعاب يحمل اسم العلامة التجارية الشهيرة "Six Flags"؛ إذ وقع صندوق الاستثمارات العامة مع الشركة الرائدة عالمياً في المتنزهات الترفيهية، اتفاقية لتطوير وتصميم منتزه يحمل علامتها التجارية، والتي تم الإعلان عنها بداية شهر إبريل 2017، حيث سيتخذ ذلك المتنزه الترفيهي من القدية موقعاً له، ومن المتوقع افتتاحه عام 2022م، مع افتتاح المرحلة الأولى من مشروع "القدية".

وهو ما يعني أن السعودية مقبلة على أكبر مدينة ترفيهية بالمنطقة بعد 4 سنوات فقط من الآن.

 

 

المرحلة الثانية

وفي هذه المرحلة سيتم تطوير المجمعات الرئيسة، وتوفير نحو 4 آلاف وحدة سكنية، وذلك في الفترة ما بين عامي 2023 و2025م.

المرحلة الثالثة

وهي مرحلة نمو واكتمال المشروع، وشغله بالكامل في الفترة من 2026 إلى 2035م، ومن المنتظر والمتوقع بحلول عام 2030م أن يتم توفير نحو 11 ألف وحدة سكنية، ونحو 57 ألف فرصة عمل جديدة ومتنوعة في مجالات مبتكرة للمواطنين. وسيُسهم المشروع بـ 17 مليار ريال في الناتج المحلي الإجمالي، وسيصل عدد زواره إلى 31 مليون زائر تقريبًا.

 اما الهدف من المشروع :(أن يكون مَعْلَماً حضاريّاً بارزاً، لتنويع مصادر الدخل الوطني ودفع عجلة الاقتصاد السعودي، وتحويل الإنفاق على السياحة الخارجية إلى داخل المملكة وخلق المزيد من الفرص الوظيفية للشباب السعودي، بالإضافة إلى إيجاد مجتمع صحيّ).

  1. مشروع الدرعية: مشروع هيئة تطوير بوابة الدرعية التي تفوق مساحتها 1.5 مليون متر مربع، والتي أمر بتطويرها الملك سلمان تحت اشراف ولي العهد، تضم أضخم مشروع سياحي ثقافي حيوي، إضافة إلى أكبر متحف إسلامي في الشرق الأوسط. وعلى أطراف مشروع البوابة الجديدة، ستنشأ مدينة طينية تشمل مكتبة الملك سلمان وأسواقاً ومجمعات تجارية ومطاعم ومواقع احتفالات، وستكون مشروعاً حيوياً ومقصداً لسكان وزوار مدينة الرياض.

فمحافظة الدرعية التي أصبحت متنفساً لسكان العاصمة الرياض، الذين قاربوا 6 ملايين نسمة، أصبحت مدينة تاريخية ترفيهية، تتفوق بمساحتها على الكثير من التجارب الإقليمية والعربية، وتمثل الدرعية رمزاً وطنياَ بارزاً في تاريخ المملكة العربية السعودية، إذ ارتبط ذكرها بالدولة السعودية الأولى

  1. مشروع الفيصلية :مشروع الفيصلية يقع على مساحة 2450 كيلومترا مربعا، وهوامتداداً لمدينة مكة المكرمة ويبدأ من الحد الشرعي للعاصمة المقدسة وينتهي في الشاطئ الغربي لمكة، سيكون مطروحا أمام القطاع الخاص المحلي والشركات العالمية للاستثمار في المشروع، وخصوصا الشركات المنتسبة للدول الإسلامية، وسيكون هناك حملات تسويق داخلية، وعربية، ودولية للمشروع.

المشروع سينفذ على 7 مراحل، وستنتهي جميع المراحل وفق ما هو مخطط له في 2050، يضم المشروع مرافق عدة، منها مركز إدارة يضم جمع الإدارات العامة بالمنطقة في مكان واحد، من ضمنها مقر إمارة منطقة مكة المكرمة، ومركز إسلامي لجميع المنظمات والمؤسسات الإسلامية، كما سيتم إنشاء مركز أبحاث إسلامي ومراكز للاجتماعات والندوات والمؤتمرات، أن الفيصلية ستضم إلى جانب ذلك مساكن وأسواق ومناطق للترفيه والتعليم والصحة، وسيتم توزيعها بشكل علمي ومدروس على أرض المشروع. أن المشروع سيضم كذلك مرافق للقطاعات الزراعية والصناعية، ومطار خاص يتبع مطار الملك عبد العزيز، وميناء بحري يتبع ميناء جدة الإسلامي، وسيوفر المشروع السكن لنحو 700 ألف أسرة، أو ما يعادل 70 في المائة من عدد الوحدات السكنية الجديدة والمقدرة بـ995 ألف وحدة سكنية في المشروع، حيث يصل عدد السكان عام 2050 نحو 5.6 مليون نسمة، وسيعمل المشروع على تحويل المجتمعات القروية إلى أحياء مناسبة للمعيشة عن طريق إعادة تنشيط القرى القائمة، في حين يتوقع أن يستحدث المشروع أكثر من مليون وظيفة في مجالات متنوعة تقنية وتعليمية وصحية وخدمية لسكان وزائري المشروع. ويستهدف المشروع إنتاج 9.5 غيغاواط من مصادر الطاقة المتجددة؛ وذلك لتلبية الازدياد في الطلب المحلي على استهلاك الطاقة، والمتوقع أن يصل إلى 18 غيغاواط أي ثلاثة أضعاف بحلول عام 2030، كما يتوقع أن يستقطب المشروع نحو 10 ملايين زائر بما يوفره من خدمات سياحية متطورة ونوعية لزوار المنطقة، بما في ذلك الحجاج والمعتمرين.

  1. مشروع رؤى الحرم و رؤى المدينة : أعلن صندوق الاستثمارات العامة، أنه بصدد تأسيس شركتين؛ الأولى هي: (رؤى الحرم المكي) و الهادفة إلى تطوير مشاريع تُسهم في رفع الطاقة الاستيعابية لاستضافة الأعداد المتزايدة من الزوّار القادمين للمملكة لأداء مناسك الحج والعمرة، حيث يؤمل للمشروع أن يوفر فرص عمل تزيد على 160 ألف وظيفة بحلول عام 2030م، كما تشير التقديرات الأولية إلى أن إسهام مشاريع الشركة في الناتج المحلي تُقدّر بنحو 8 مليارات ريال سنوياً. والشركة الثانية، هي: (رؤى المدينة) وهي شركة تطوير عمراني تهدف إلى تعزيز جاهزية منطقة المسجد النبوي لاستضافة عدد أكبر من الزائرين للمدينة المنوّرة وسيُسهم المشروع في توفير فرص عمل تصل إلى 200 ألف وظيفة، وإضافة ما يقدر بـ 7 مليارات ريال إلى الناتج المحلي سنوياً.
  2. الطائف الجديد : تفوق كلفة المشروع الذي يجري تنفيذه حالياً، بالشراكة بين القطاعين الحكومي والأهلي، الـ11 بليون ريال. ويقع الطائف الجديد، الذي تتولى إمارة منطقة مكة المكرمة، مهمة الإشراف على سير العمل فيه ومتابعة تنفيذه، وفق الجدول الزمني المُعدّ سلفاً، باتجاه الشمال الشرقي لمدينة الطائف الحالية، وتبلغ مساحته 1250 كيلومتراً مربعاً، ويكتسب الموقع أهمية مكانية ووظيفية كبيرة، نتيجة توسطه واتصاله في المدينة القديمة والتجمعات العمرانية المحيطة، ويتوقع أن يبلغ عدد سكانه 750 ألف نسمة، فيما سيمثلّ بعد إنجازه أنموذجاً لأول مدينة سعودية متكاملة روعي في تصميمها أحدث الأساليب المبتكرة في العمارة والتقنية والتخطيط والتنفيذ. وسيضم المشروع مطار الطائف الدولي الجديد، واحة التقنية، الذي بدأت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية تنفيذه؛ بإنشاء 600 قاعدة لمحطة توليد الطاقة بالخلايا الشمسية، ضمن مشروع ألواح الطاقة الشمسية.وتحوي الواحة مشروع تقنيات زرع وإنتاج وحصاد الأعلاف فائقة النمو، ويسهم المشروع في تحقيق الأمن الغذائي في المملكة، ويحد من الاعتماد على الاستيراد، وسعت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية الجهة المنفذة، لتوفير مصادر أخرى تحل محل المحاصيل العلفية، وخصوصاً التي تستهلك كميات مياه محدودة، في حين تتولى المدينة تنفيذ مشروع لتطوير تقنيات زراعة وإنتاج وحصاد الأعلاف فائقة النمو، في مساحة 50 ألف متر مربع. ويضم ايضا مدينة عكاظ، التي تعد أحد مشاريع التراث الحضاري، والهادف منها إثراء التجربة السياحية المتكاملة، وتعزيز التراث الحضاري، ضمن المشاريع المتاحة للمواطنين والزوار، من خلال تطوير أول وجهة سياحية ثقافية متكاملة في الطائف، إذ سيتم خلال المرحلة الأولى إنشاء مركز للأعمال تنظم فيه فعالياتها ومؤتمراتها ومرافق عالية الجودة تشمل فنادق وأندية ترفيهية، وبناء المتحف التفاعلي والمعارض الفنية والحديقة النباتية ومركز الحرف اليدوية ومساحات مكتبية وواحة ثقافية وتراثية وأندية الفروسية. ويضم المشروع كذلك مدينة صناعية خصص لها 120 مليون ريال، موزعة على أعمال البنية التحتية، والمرحلة الأولى الواقعة على مساحة مليون كيلومتر مربع، وتعتبر أول مدينة صناعية في المحافظة، وستنطلق أعمال المرحلة الأولى بإنشاء مجموعة الصناعات الثقيلة والمتوسطة والخفيفة، ومركز للتدريب المهني، ومواقع للاستعمالات المختلفة. وكذلك تضم المدينة ايضا مدينة جامعية والتي ستستقبل 90 ألف طالب وطالبة، ويجري تنفيذها على مساحة تتجاوز 17 مليون متر مربع. ويضم المشروع كذلك  مستشفيات محافظة الطائف، مشاريع صحية بطاقة سريرية إجمالية تفوق الـ400 سرير.
  3. مشروع جدة : وتقوم فكرة مشروع جدة داون تاون على إعادة تطوير الواجهة البحرية في وسط كورنيش مدينة جدة، بهدف تحويلها إلى منطقة حيوية ووجهة سياحية وسكنية وتجارية فريدة. ويهدف المشروع  تهيئة بيئة جاذبة ومتميزة تسهم في تطوير مدينة جدة ودعم طموحاتها لتصبح ضمن أفضل 100 مدينة على مستوى العالم. يقدر إجمالي مسطحات البناء في مشروع جدة داون تاون أكثر من 5 ملايين متر مربع. ويضم 12 ألف وحدة سكنية تتسع لأكثر من 58 ألف نسمة.الوحدات السكنية في جدة داون تاون تمثل حوالي 42% من مساحة المشروع، فيما تمثل مناطق التجزئة والترفيه، حوالي 35%، بينما تغطي منطقة المكاتب 12%، وتغطي منطقة الضيافة 11%. ويتوقع أن يبلغ إجمالي قيمة الاستثمار في المشروع  18 مليار ريال على مدى 10 سنوات، وسوف يسهم في إيجاد أكثر من 36 ألف فرصة عمل خلال مدة تنفيذه، وسيتم العمل بالمشروع خلال الربع الأول للعام 2019، ومن المزمع افتتاح المرحلة الأولى في الربع الأخير من العام 2022، يشمل المشروع متاحف ومراكز للأنشطة الثقافية والاجتماعية، ومنطقة مركزية لأنشطة الأعمال والابتكار، ومنطقة للنشاطات التجارية والتسوق، ومنطقة الحدائق والمتنزهات الترفيهية والنشاطات الرياضية وغيرها.
  4. مشروع الفيصلية : مشروع الفيصلية هو امتداد لمدينة مكة المكرمة، ويبدأ من الحد الشرعي للعاصمة المقدسة، وينتهي في الشاطئ الغربي لمكة. تبلغ مساحة مشروع الفيصلية السكني الجديد مساحة مدينتي مكة المكرمة وجدة مجتمعتين، (مساحة مكة المكرمة تبلغ 1.200 متر مربع، وجدة 2.263 متر مربع، فيما تصل مساحة مشروع الفيصلية 2.450 متر مربع).

إذ من المخطط أن يقام المشروع على أحدث المعايير والأنظمة التي توصلت لها المدن العالمية الذكية، من المخطط أن تنتهي المدينة من مراحلها السبع المخطط لها بحلول 2050، وسيضم  المشروع مرافق عدة تتمثل مركز إدارة يضم جمع الإدارات العامة بالمنطقة في مكان واحد ومن بينها مقر إمارة منطقة مكة المكرمة، ومركزاً إسلامياً لجميع المنظمات والمؤسسات الإسلامية، كما سيتم إنشاء مركز أبحاث إسلامي ومراكز للاجتماعات والندوات والمؤتمرات، ستضم ايضا إلى جانب ذلك مساكن لما لا يقل عن 700 ألف أسرة أو ما يعادل 70 في المئة من عدد الوحدات السكنية الجديدة، بما يقارب 995 ألف وحدة سكنية في المشروع وأسواق ومناطق للترفيه والتعليم والصحة، وسيتم توزيعها بشكل علمي ومدروس على أرض المشروع. كما سيضم المشروع مرافق للقطاعات الزراعية والصناعية، ومطاراً خاصاً يتبع مطار الملك عبدالعزيز وميناء بحرياً يتبع ميناء جدة الإسلامي، وسيضم ايضا مجمع إسلامي فقهي، وشارع محوري، والمقار الحكومية، والحي الدبلوماسي، والمركز الحضاري، والأعمال والتجارة، والتسوق والبيع بالتجزئة، ورصيف للقوارب، ومساكن مطلة على البحر، وسيكون المشروع فرصة لتخفيف الضغط السكاني على مدينتي مكة وجدة خلال السنوات الـ25 المقبلة.وستكون هناك إدارة خاصة ستتولى إدارة المشروع تحت إشراف هيئة تطوير منطقة مكة المكرمة، إلى جانب مندوب من صندوق الاستثمارات السعودية، الذي سيكون بمثابة همزة وصل بين المشروع وهيئة تطوير المنطقة. ومن المتوقع أن يستقطب المشروع 10 ملايين زائر، بما يوفره من خدمات سياحية متطورة ونوعية لزوار المنطقة بما في ذلك الحجاج والمعتمرين. تعتمد استراتيجية التنمية في مشروع الفيصلية على تنويع الاقتصاد وتخفيف الاعتماد على قطاع النفط والغاز، وذلك عن طريق إدخال نظام بيئي مكون من مجموعات مختلفة لتحفيز التطوير في المنطقة. يمثل مشروع تطوير الفيصلية نقلة تنموية مهمة نحو تنويع الاقتصاد وتفعيل الشراكة مع القطاع الخاص في تطوير المشاريع الريادية، وذلك لتحقيق رؤية المملكة 2030.

 

اذن محمد بن سلمان يسعى الى نقل المملكة العربية السعودية من دولة ريعية تعتمد على النفط الى دولة يقوم اقتصادها على نظرية الاقتصاد النيو ليبرالي (الاقتصاد الحر) الذي يعتمد على القطاع الخاص، بالإضافة الى تنويع الدخل القومي السعودي عن طريق فتح المشاريع الصناعية الكبيرة. وانشاء مدن جديدة بمواصفات عالمية تضاهي المدن الأوربية وتحاكي التطور الموجود في الامارات العربية المتحدة لتكون السعودية الوجهة المستقبلية للسياحة الاسلامية والعربية والعالمية وهذه المشاريع لها مردودات اجتماعية ايضا اذ ما تحققت لأنها ستساهم في تأمين حياة كريمة للفرد وصنع الفرد او المواطن المستقبلي الذي يتمتع بكل مواصفات افراد المجتمعات الراقية مما ينعكس ايجابياً على النظام الحاكم، ويأتي بمردودات ذات امد طويل فيجعل السعودية اكثر انفتاحا واقل تشددا دينيا اذا ما اكتملت تلك المشاريع السياحية والترفيهية التي كان التيار الديني المتشدد يعارضها.

لكن لابد الاشارة إلى بعض من المعوقات او الصعوبات التي تواجه محمد بن سلمان في تحقيق اهدافه وأولى تلك التحديات العامل الاجتماعي، اذ لازال في المجتمع السعودي شريحة محافظة دينياً تعارض كل تطور او تمدن يطيح بالقيم المحافظة للمجتمع السعودي، هذه الطبقة كثيرا ما عارضت الاصلاحات الاجتماعية او تطيور المجتمع السعودي، فقد عارضت قديماً وجود السيارة في شوارع الرياض، وعارضت وجود التلفزيون والاذاعة، وعارضت بناء دور السينما، وعارضت صدور اوراق ثبتوية للمرأة مستقلة عن الاسرة (الجنسية التي تحمل صورة)، وتعرض اليوم ولاية المرأة على نفسها، وقيادة المرأة للسيارة، وافتتاح دور السينما، ودخول المرأة مجال العمل، وتعرض هذه الشريحة ايضاً الانفتاح الاجتماعي في المملكة مثل اقامة الحفلات، والاحتفال الكبير في اليوم الوطني للملكة العربية السعودية، والاختلاط بين الجنسين في الاماكن العامة، هذه الشريحة الاجتماعية بالسعودية وكل ما تعارضه عموماً تصطدم بشريحة اجتماعية منفتحة تسعى إلى ادخال الادوات والتقاليد المجتمعية المنفتحة إلى المجتمع السعودي وهذه الشريحة قوامها الافراد الذين تلقوا تعليمهم خارج المملكة او الاشخاص الذين يتبنون قيم ومبادئ الفكر الغربي و يودون تطبيقها داخل المجتمع السعودي فهم لا يعارضون قيادة المرأة للسيارة ويطالبون باعطاء الولاية للمرأة على نفسها، واعطاء دور اكثر للمرأة في المجتمع، اذن هناك صراع داخل المجتمع السعودي وانقسام بين التطورات الاقتصادية والاجتماعية التي تبناها محمد بن سلمان وتؤيدها الشريحة المنفتحة من المجتمع السعودي، وبين شريحة محافظة ترى في اصلاحات بن سلمان خروج على القيم والمبادئ الاسلامية التي قام عليها المجتمع السعودي وترى كذلك ان هذه القيم ستعود بالفساد والدمار الاجتماعي للمجتمع السعودي.

اما العقبة الثانية فهي عقبة هيكلية تقف دائما أمام التقدم المتعلق بسياسة تنويع اقتصاد المملكة، حيث أن واحدة من الإشكاليات الرئيسة تكمن في أن كل شيء في الغالب باقتصاد المملكة يتعلق بشكل مباشر أو غير مباشر بالإنفاق الحكومي، فما يقرب من ثلثي القوة العاملة السعودية يعملون بالقطاع العام وأغلب الاحتياجات الأسرية تأتي من السعوديين الذين يتلقون رواتب حكومية، في حين أن حجم الرواتب التي تحصل عليها أسر سعودية من العمل في القطاع الخاص تبلغ 4% فقط من إجمالي الناتج المحلي، كذلك اعتادت على نظام الاقتصاد الريعي الذي تتحكم الدولة فيه بجميع مفاصل الحياة الاقتصادية، وهي التي تاخذ على عاتقها توفير الخدمات كافة الى افراد المجتمع كجزء من عقد الشراكة بين افراد المجتمع والنظام الحاكم، وبالتالي فان تغير النظام الاقتصادي من اقتصاد تسيطر عليه الدولة وتوفر الخدمات باسعار رخيصة مقابل ولاء المواطنين للنظام الحاكم، الى نظام اقتصادي نيولبرالي يتحمل فيه الفرد كافة متطلباته و احتياجاته وترك السوق مفتوح. اضف الى ذلك السعودية الان غير مؤهلة من ناحية الافراد والثقافة الاجتماعية، والناحية الاقتصادية، و من ناحية هيكلية الدولة لتبني مثل هذا المشروع، ناهيك عن تدني اسعار النفط الخام الذي سيعيق دورة توفير الاموال لتكملة المشروعات. واخير يمكن القول ان طريق الالف ميل يبدأ بخطوه والمملكة تمتلك عدة مميزات تجعلها قادرة على تجاوز تلك التحديات منها الاقتصاد القوي والعائدات النفطية الكبيرة، والتطور الاجتماعي السريع، والموقع الجغرافي المميز، والمملكة الان بدأت هذه الطريق ويتوقف نجاح هذه المشاريع على تبني المجتمع تلك المشاريع وايمانه بقوته وقدرته وإصراره على التطور واللحاق بقافلة الدول المتحضرة.