نحن وحروب اسرائيل في المنطقة

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2018-03-15 17:59:18

ابراهيم العبادي

لايبدو ان الصراع على سوريا يقترب من نهايته، رغم نجاحات الجيش السوري وحلفائه ومتانة الدعم الايراني الروسي الكبير، فحتى مع انحسار ظل التنظيمات الارهابية، داعش والنصرة، فان التدخلات الاجنبية وانقسام جماعات المعارضة السورية والاستقطاب الدولي والاقليمي الحاد، سيطيل من امد الصراع وسيكون استقرار سوريا مرتهنا بصفقة دولية - اقليمية لم يحن أوانها بعد، لأن القضية في جوهرها خرجت من كونها صراع سوري - سوري على السلطة وشكل الدولة والنظام السياسي، الى كونها صراع نفوذ ومصالح استراتيجية وتقاطعات محاور حادة، ليس مصلحة اسرائيل اقلها ولا الصراع المذهبي والطائفي في المنطقة خارجها.

فكل هذه العوامل داخلة في الصراع وستبقى الازمة مشتعلة مع تزايد دخول العامل الاسرائيلي والدفع المتعدد الاتجاهات نحو حصار ايران في مناطق نفوذها وبالخصوص في سوريا ولبنان، وقيادة اسرائيل لمشروع معادلة الانتصار على داعش والتنظيمات الارهابية والتطرف (السني)، بمشاغلة واستنزاف القوى الشيعية التي تتزعمها ايران بدعوى التصدي لمشروع الهلال الشيعي في المنطقة.

في كل التحالفات التي تم نسجها في المنطقة لمواجهة الارهاب، ظلت اسرائيل تتحدث عن (ارهاب شيعي) يستهدفها ويوجه بوصلة الصراع ضدها انطلاقا من مركزية القدس وفلسطين في مايعرف بمحور المقاومة، وقد سعت دول اقليمية عديدة ولحسابات الشرعية السياسية والمصلحة الاستراتيجية في سكب المزيد من الزيت على نار التحريض الاسرائيلية والدفع الامريكي حتى بدا هناك نوع من انسجام المصالح ووحدة الاهداف في تصنيف كل خطوة يقوم بها المحور (الايراني) بانها تعزيز لنفوذ محور الشيعة في قبال محور السنة، وكان من شأن ذلك توحد جهود امريكية اسرائيلية وعربية للانخراط في صراع طويل لاستنزاف هذا المحور وتوجيه ضربات محسوبة له لمزيد من الاستنزاف العسكري والاقتصادي والتوريط السياسي.

استراتيجية اسرائيل تعمل باتجاه تضخيم التهديد الايراني وخطر حزب الله والحركات الشيعية الاخرى المتحالفة معهما وتصوير مايجري في المنطقة وكانها امبراطورية عظمى يقودها الجنرال سليماني وستكون حربها القادمة اقتلاع الوجود الاسرائيلي، وواضح ان هذا التهويل يستهدف حصار هذا القوى واحباط حضورها السياسي والعسكري واستنزافها في حروب متنقلة على الارض السورية لابقاء سوريا في حالة الدولة الهشة الممزقة، والضغط على الاعصاب الايرانية، ودفع حزب الله الى التخلي عن استراتيجية الردع الصاروخي ضد اسرائيل وتأليب الداخل اللبناني ضده.

في العراق ثمة قوى قاتلت الى جانب محور (المقاومة) في سوريا ولاتخفي تحالفها معها وهي ستكون معنية بكل تصعيد اسرائيلي مرضي عنه امريكيا وهناك دول عربية ايضا تصنفها ضمن دائرة الاستهداف مثلما تقلق منها امريكا وبعض الدول الاوربية والاقليمية، ولايسع الدولة العراقية ان تكون متفرجة اذا ماحصل تصعيد خطير لتختار ان تكون الى جانب احد المحورين، فالمزاج الاسلامي الشعبي في العراق ضد اسرائيل، وعلاقات العراق مع ايران وسوريا تدفع باتجاه موقف مضاد لأي عدوان او تصعيد اسرائيلي، وهذا يعني ان المنطقة ستكون مقبلة على تطورات خطيرة واثار مدمرة اذا لم يتم كبح جماح العربدة الاسرائيلية ومنع استغلالها للانتكاسات العامة في المنطقة لصالحها، فقد استثمرت اسرائيل كثيرا في المشروع الارهابي القاعدي - الداعشي وراهنت عليه كثيرا لاشغال شعوب المنطقة ودولها في حروب طائفية واهلية مدمرة بل انها قدمت دعما مباشرا للجماعات المصنفة ارهابيا في سوريا ولم يتجه خطاب منظمات الارهاب بسوء إلى اسرائيل ولم تحضر القدس في ادبياتها فيما كان عدوها الاول الشعوب المسلمة وخصوصا الشيعة سواءا كانوا متحالفين مع ايران او مختلفين معها، وهاهي اسرائيل تعاود تسخين المنطقة في حروب استنزاف جديدة بدعوى منع ايران وحلفائها من شيعة لبنان والعراق والحكم في سوريا من ملء الفراغ مابعد خسارة تنظيمات الارهاب للارض ومصادر التمويل .