جريمة التشهير(القذف) في القانون العراقي

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2017-10-21 17:10:34

الباحث جاسم محمد هادي المالكي

قسم الدراسات القانونية

ان حق الانسان في شرفه وكرامته من الحقوق اللصيقة بالشخصية القانونية والمتفرعة عنها . اياً كانت المكانة الاجتماعية التي يتمتع بها الشخص في المجتمع فشرف الانسان وكرامته واعتباره له قيمة اجتماعية لا تقل اهمية عن تلك التي تتعلق بحقه في الحياة وفي سلامة بدنه وامواله .

لذلك كانت جديرة بالحماية القانونية وان التعدي عليها يشكل جريمة يعاقب عليها القانون العراقي .

تعريف عقوبة التشهير :

من خلال استعراض نصوص قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل واستناداً الى المواد (433) و(430) من قانون العقوبات يمكننا ان نعرف التشهير او القذف بأنه :

) اسناد واقعة معينة الى الغير باحدى طرق العلانية من شأنها لو صحت استوجب عقاب من اسندت اليه او احتقاره في اهله وطنه) .

التنظيم القانوني للتشهير :

ان دستور جمهورية العراق النافذ لسنة 2005 قد نص في المادة (38) منه على مايلي (تكفل الدولة بما لا يخل بالنظام العام والأداب أولاً : حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل ثانياً : حرية الصحافة والطباعة والاعلان والاعلام والنشر ) مع التنوية ان القانون لا يسمح التعرض لحياة الناس الخاصة إلا بالقدر الضروري الذي يحقق المصلحة العامة وان الديمقراطية لاتعني التشهير ولذلك يجب ان يكون النقد هو نقد هادف وبناء بقصد عرض الحقيقة لان خلاف ذلك يعد تشهيراً وان التشهير جريمة يعاقب عليها القانون لكونه يمس حرية وكرامة وحرمة الانسان .

والمشرع العراقي قد عالج هذه الجريمة في قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 المعدل في الباب الثاني الفصل الرابع تحت عنوان ((القذف)) حيث نصت المادة (433) من قانون العقوبات العراقي .

 

 

اركان جريمة التشهير :

ان جريمة التشهير تتحقق اذا توافرت فيها الاركان التالية :

  1. اسناد واقعة معينة الى الغير ومثال ذلك عندما يسند القاذف الى المقذوف بأنه شخص غير نزيه ويتهمه بالاختلاس او الرشوة او التزوير .. الخ .
  2. يجب ان يكون الفعل المكون للجريمة (القذف) باحدى طرق العلانية ونأخذ منها على سبيل المثال اذا حصل القذف عن طريق الاعلام او الصحافة او المطبوعات .. الخ .
  3. يجب ان يكون القذف قد صدر من قبل القاذف الى المقذوف بقصد جنائي اي يجب توافر العلم والارادة لدى الجاني بان الفعل الذي سوف يرتكبه يستوجب العقاب وبخلاف ذلك اذا انتفى القصد الجنائي او كما يسميه البعض القصد الجرمي بتالي تنتفي الجريمة .

عقوبة جريمة التشهير :

ان المشرع العراقي قد نظم احكام جريمة التشهير او القذف واورد لها نصوص تحكمها استناداً الى المواد (433) و (430) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 المعدل ، يضاف الى ذلك ان المشرع العراقي اعتبرها من جرائم الجنح وجعل لها عقوة الحبس او الغرامة .الا ان المشرع لم يحدد لهذه الجريمة عقوبة الحبس المقيد بمدة محددة وانما جعل لها عقوبة الحبس المطلق والمقصود بالحبس المطلق الحبس (24) ساعة الى (5) سنوات او غرامة لاتقل عن (201) مائتان وواحد الف دينار والا تزيد عن (1000.000) مليون دينار .

وفي حالة حصول الجريمة باحدى طرق العلانية عدت ظرف مشدد . اما اذا حصلت دون علانية عد ذلك ظرف مخفف استناداً الى المادة (435) من قانون العقوبات العراقي .

ونحن بهذا الصدد نود ان نبين مسألة مهمة وهي (اذا كان المقذوف موظفاً عاماً او مكلفاً بخدمة عامة او خص ذي صفة نيابية عامة او كان يتولى عملاً يتعلق بمصالح الناس وكان ما اسندهُ القاذف متصلاً بوظيفة المقذوف او عمله فأذا اقام الدليل على كل اما اسنده انتفت الجريمة لان ذلك يعد من اسباب الاباحة )

ونرى ان النقد يجب ان يكون نقداً هادفاً وبناءً بقصد عرض الحقيقة وليس تحريفها او النيل من الناس بقصد ابتزازهم لغرض مساومتهم للحصول على منافع شخصية او لغرض تشويه السمعة بسبب وجود خلافات او احقاد وضغائن شخصية حيث ان ماتم ذكرة سلفاً يعد جريمة يعاقب عليها القانون . وكذلك نرى ان على المشرع العراقي ان يعيد النظر في المادة (433) من قانون العقوبات العرقي وذلك لغرض تشديد العقوبة لهذه الجريمة بعتبارها جريمة خطرة تهدد وتسيئ الى كرامة الشخص والمجتمع ايضاً وخاصة اذا ارتكبت بطرق العلانية ويجب كذلك ان يأخذ الاعلام دورهُ بعتباه السلطة الرابعة في نشر الوعي والثقافة القانونية في المجتمع ويجب كذلك اقامة نشاطات لغرض الحد من هذه الظاهرة (التشهير ) لما تمثله من خطر على الفرد والمجتمع ككل .