دور المراكز البحثية في مكافحة التطرف المؤدي الى العنف

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2025-02-18 11:15:19

دور المراكز البحثية في مكافحة التطرف  المؤدي الى العنف

عبير حامد طالب

قسم دراسات التطرف العنيف

 

    تؤدي المراكز البحثية دوراً مهماً في مكافحة الفكر المتطرف ، إذ تعتبر هذه المؤسسات منصة لتقديم الافكاروتحليل الظواهر المعقدة التي تؤثر على المجتمع. 

إن مواجهة التطرف ليست فقط قضية أمنية أو عسكرية، بل هي أيضاً قضية فكرية وسياسية واجتماعية تتطلب جهوداً شاملة لفهم أسبابه ودوافعه وسُبل معالجته .

 

تُعد المراكز البحثية مؤسسات رئيسية في تقديم الدراسات والتحليلات التي تساعد صانعي القرار على تبني استراتيجيات مناسبة وفعّالة .

وتتضمن إحدى المهام الأساسية لهذه المراكز تحليل العوامل الاجتماعية والاقتصادية والنفسية التي تؤدي إلى التطرف ، من خلال دراسات وتقارير معمقة، توفر هذه الدراسات رؤى دقيقة حول الأسباب الجذرية للتطرف مثل إنعدام العدالة الاجتماعية والضروف الاقتصادية والمشاكل الاسرية والحالات النفسية والتأثيرات العقائدية، وخاصة الدينية، التي تُستغل لزرع وترويج الأفكار المتطرفة.

إضافةً إلى ذلك، تُعد المراكز البحثية أداة هامة لتقييم الإفكاروالسياسات والبرامج القائمة في مجال مكافحة التطرف، عبر إجراء دراسات تقييمية وتحليل البيانات المبنية على الوقائع والإحصائيات ذات العلاقة وتقديم الخيارات لصانع القرار،و يمكن لهذه المراكز تقييم مدى نجاح برامج مثل إعادة التأهيل والدمج للأشخاص الذين تورطوا في أعمال متطرفة بالمجتمع.

ومن ثم تسهم المراكز البحثية في إيجاد علاقات وشراكات محلية وأقليمية ودولية متطورة، وتوفير مستلزمات الأمن والسلامة والاستقرار على الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية، حيث ان التعاون بين المراكز البحثية والمنظمات الدولية  يثُمر عن تبادل الخبرات والتجارب، وتقديم نتائج الأبحاث في المؤتمرات الدولية، مما يسهم في تعزيز الجهود العالمية لمكافحة الفكر المتطرف.

وبالتالي، يمكن التأكيد على أهمية المراكز البحثية في مواجهة الفكر المتطرف بمختلف أشكاله  من خلال تقديم الدراسات التي تساهم بشكل جوهري في تحصين المجتمعات من التأثيرات الضارة والمخاطر التي تهدد تلك المجتمعات.

ومن خلال هذه الادوارتتجلى بوضوح أهمية المراكز البحثية في درء مخاطر الأفكار المتطرفة والتطرف في المجتمعات خاصة بين فئات المراهقين والشباب الأكثر عرضة للتأثر بهذه الإفكار.

تتمتع المراكز البحثية في العراق بفرصة فريدة لتقديم إسهامات مهمة في مكافحة التطرف، حيث يمكن لها أن تعمل على فهم أعمق للعوامل والبيئات الاجتماعية والفكرية والسياسية التي تسهم في الإرهاب والتطرف، مثل التأثيرات السياسية المتقلبة وغيرها من العوامل، من خلال التركيز على هذه الجوانب، يمكن للدراسات التي تجريها تلك المراكز في توفير رؤى حول كيفية تطوير السياسات التي تستهدف الجذور العميقة للمشكلات بدلاً من مجرد التعامل مع الأعراض التي تطال مختلف الفئات الاجتماعية .

كما يمكن للمراكز البحثية في العراق الاستفادة من الدراسات والتجارب الاجتماعية في المراكز البحثية في مختلف الدول الأخرى التي واجهت تحديات مماثلة، عن طريق تبادل الدراسات والبحوث والخبرات الدولية مثل مركز المعرفة التابع  للاتحاد الأوروبي، يمكن لهذه المراكز تطوير طرق مبتكرة للتوعية والتعليم لفئات المجتمع التي قد تتعرض لتإثيرات الفكر المتطرف ، وذلك بهدف تعزيز قيم الإعتدال والتسامح والاعتراف بالآخر .

ومركزالنهرين الذي كان دوره فعَالاَ ومستمراً في رسم السياسات للحد من ظاهرة التطرف المؤدية للإرهاب من خلال المؤتمرات والندوات الدولية والمحلية والدراسات وإجراء المقابلات الميدانية داخل السجون ، ولقد أسهم مركز النهرين في عقد العديد من الورش والندوات المتخصصة بإعادة إدماج النازحين وحمايتهم من العودة الى التطرف العنيف والتإكيد على حل جميع المشاكل القانونية والاجتماعية التي يعاني منها العائدون لتكون عملية تإهيلهم وإدماجهم مهمة في المجتمع، ولتعزيز أهمية ماتقوم به تلك المراكز والمؤسسات البحثية يمكن تنظيم ورش عمل ومؤتمرات بمشاركة الخبراء المحليين والدوليين لمناقشة أفضل السبل والمعالجات لتفادي استغلال الدين والمذاهب والاثنيات في بث الفرقة والكراهية .

مثل هذه المبادرات يمكن أن تساهم بشكل كبير في بناء جسور التفاهم بين مختلف فئات المجتمع العراقي وتعزيز منظور متكامل يركز على السلام والتنمية المستدامة كركائز أساسية للأمن القومي ومكافحة التطرف .