السلام في غزة مقابل فيلادلفيا

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2024-09-09 11:27:47

د. طه محمد سعيد

على الرغم من مرور احد عشر شهرا على حرب غزة، ما زالت حكومة نتنياهو ترتكب ابشع جرائم الحرب وتواصل انتهاكاتها لحقوق الأنسان والقوانين الأممية والأعراف الدولية، إذ عمد الجيش الصهيوني إلى شن حرب عشوائية مصحوبا بالوحشية والهمجية آلت إلى تدمير البنى التحتية بقطاع غزة وتهجير سكانها، ووصلت ضحاياه إلى أكثر من أربعين الف شهيد جلهم من الفئات الهشة من الأطفال والنساء وكبار السن، فضلا عن العشرات من الإعلاميين ورجال الإغاثة والمبعوثين الدوليين، وعلى الرغم من هذه الانتهاكات لم يستطع نتنياهو تسجيل نصره العسكري المزعوم وتحقيق هدفه المعلن بالقضاء نهائيا على حركة حماس، مما دفعه للجوء إلى أساليبه القذرة بتنفيذ عمليات اغتيال ضد قياداتها وكان أخرها اغتيال الشهيد إسماعيل هنية بطهران.

لهذه الاسباب يواجه نتنياهو ضغوطا داخلية من الأوساط الشعبية والمعارضة السياسية الرافضة لسياسات الحكومة ومسار حرب غزة، كما حدث انشقاق في حكومته وإعلان الوزيران في مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس وغادي آيزنكوت اتفاقهما مع الدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة، ومن جهة أخرى، تواجه إسرائيل تنديدا غير مسبوق في الأوساط الدولية والأممية، إذ دانت المحكمة الدولية الانتهاكات الإنسانية في غزة وتجريم نتنياهو والقيادات العسكرية في الجيش الصهيوني.

كما تسعى الإدارة الأمريكية إلى إيقاف الحرب والتوصل إلى اتفاق بين الطرفين وتبادل الأسرى، بسبب الضغوط المناهضة لاستمرار الحرب من النخب وطلاب الجامعات الأمريكية وحسابات قرب الانتخابات الأمريكية، وقد حثت الوسطاء المصريين والقطريين على ممارسة المزيد من الضغط على حركة حماس للمضي قدما لإنهاء الحرب، إلا ان نتنياهو لا يريد إنهاء الحرب بسلام، فقد حاول توسيع رقعة الحرب وإدخال المنطقة في حرب مدمرة شاملة، وبعد ان فشلت مخططاته في فتح ساحات اشتباكات جديدة، أخذ يناور إلى سلام بطعم الاحتلال من خلال إنشاء خطين في غزة يبقيان تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي وهما: خط نساريم، الذي يفصل بين شمال وجنوب غزة، وخط فيلادلفيا، الذي يفصل بين حدود غزة ومصر، وهذا الأخير، يحتاج إلى تعديل في اتفاقية السلام (كامب ديفيد) 1979 الموقع بين مصر وإسرائيل، وكالعادة فان نتنياهو يريد تحقيق نصر على حساب نقض العهود والسلام، لأن نتنياهو لا يعرف غير لغة الحرب أو الاحتلال.  

ويبدو ان نتنياهو يسعى إلى جعل خط فيلادلفيا مسرحا جديدا في مغامراته وتحقيق أهدافه، لاعتقاده ان هذه الخطوة المتمثلة بإبقاء الجيش الإسرائيلي في المناطق الحدودية بين قطاع غزة وسيناء المصرية يمكن ان تحقق له الأهداف الآتية:

  1. تقويض جهود اتفاقية السلام وإطالة الحرب في غزة، بهدف الضغط على معارضي الحرب من الأحزاب الإسرائيلية، واستمالة الرأي العام الإسرائيلي إلى جانب حزب الليكود في الانتخابات القادمة.
  2. تعزيز نفوذ الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة بعد اتفاق إنهاء الحرب، وفصلها إلى قسمين الشمالية والجنوبية في سبيل زرع الفتنة والتفرقة بين أهاليها، كما جرى بين الضفة والغزة، ومنع النشاط السياسي والعسكري لحركة حماس فيها.
  3. إشغال الرأي العام العالمي بالمناورات السياسية لغرض لفت النظر عن الجرائم والانتهاكات الإنسانية التي ارتكبتها بحق سكان غزة.
  4. فصل قطاع غزة عن الحدود المصرية بهدف السيطرة على الإمدادات العسكرية التي قد تعود حماس تسليح نفسها مستقبلا.
  5. تحقيق استراتيجية مشتركة مع الولايات المتحدة الامريكية بإنشاء قناة مائية من ايلات إلى البحر المتوسط موازي إلى قناة السويس مرورا بخط فيلادلفيا.