
الجدوى الاقتصادية من استخدام الطاقة النووية السلمية في العراق
التصنيف: مقالات
تاريخ النشر: 2024-07-28 16:48:44
في الوقت الذي تسعى فيها الدول الاقليمية للحصول على الطاقة النظيفة ذات الانبعاث الكربوني القليل واستبدال مصادر توليد الطاقة التقليدية المعتمدة على الوقود الاحفوري وتوجه الانظار الى امتلاكها المفاعلات النووية لانتاج الطاقة الكهربائية وحيث ان الموضوع ليس جديدا على العراق كونه يعد من طليعة الدول الذي لديه باع طويل في هذا المجال حيث كان العراق يمتلك ثلاث مفاعلات نووية تم تدميرها خلال الحروب التي تعرض لها العراق في الفترات السابقة ( الاولى في عام 1981 وقصف الكيان الصهيوني على فاعل تموز والثاني جرت على يد القوات الامريكية خلال حرب الخليج الاولى عام 1991) وحيث ان المفهوم التقليدي للامن القومي كان يتضمن تعضيد وتجنيد كل الامكانات المادية والبشرية للتسليح العسكري وهذا ما كان سائدا سابقا الا انه قد ثبت أن هذه الرؤية ضيقة جيداً، فالأمن القومي يتضمن ما هو أكثر من تجهيز قوات مسلحة واستخدامها. ان تكامل التعريف الحقيقي للامن القومي يشتمل ابعاد ومضامين لاحدود لها وهناك علاقة وثيقة بين (الخطط والمشاريع الاستراتيجية ومفهوم الامن القومي) فالمقصود بالإستراتيجية أساساً فن القيادة، وهو مفهوم عسكري أساساً تطور وأصبح له مضامين سياسية واجتماعية واقتصادية، فصارت الإستراتيجية هي تلك العملية التي يتم فيها الصهر الكامل لكل مصادر القوة في الجسد السياسي والاقتصادي والاجتماعي للدولة من أجل تحقيق المصلحة القومية العليا، والأهداف المطلوب إنجازها في إطار فلسفة الأمن القومي عليه فأن مشاريع الطاقة النووية التي تبناها صناع القرار خلال الفترة الحالية تعد خطوة بالاتجاه الصحيح لما لحاجة العراق الى طي ونسيان الماضي والبدء من جديد لهكذا مشاريع استراتيجية تدلي بظلالها على واقع حياة الفرد العراقي من جهة وتقلل من حدة العتبة الحرجة للتغيرات المناخية في العراق.
الطاقة النووية من اجل المناخ :
هناك توجه عالمي حقيقي نحو اعادة العمل بتكنولوجيا الطاقة النووية لتوليد الطاقة بسبب ما يحصل من تعقيدات في سلسلة توريد الوقود الاحفوري وقلة وثوقية الطاقة المتجددة وقد تم طرح هذا التوجه وبشدة في مؤتمر الاطراف COP28
لايختلف اثنان بان هذه التكنولوجيا لها مزايا ولها عيوب ومن مزاياها تعد مصدرا طاقة موثوق ومصدرا للطاقة المستدامة غير الباعثة للكاربون مما يجعلها خيارا جذريا ذو جدوى اقتصادية في معالجة تغير المناخ
اما العيوب فتتمثل احتمال وقوع حوادث نووية ومخاوف من معالجة النفايات النووية وحيث ان الامر ليس بهكذا سهولة لهذا قبل كل شيء يجب الاخذ بنظر الاعتبار الاحتياطات اللازمة لتقليل الكوارث والمخاطر لهذا يعد اتخاذ قرار العودة الى تكنولوجيا الطاقة النووية قرار معقد يعتمد على مجموعة من العوامل
مبادرة الطاقة النووية من اجل المناخ
هي مبادرة تجمع المهنين والعلماء النووية من اكثر من 150 منظمة وجمعية بهدف فتح حوار مع صانعي السياسات والجمهور حول ضرورة ادراج الطاقة النووية ضمن الحلول الخالية من الكاربون لمواجهة تغيرات المناخ يتم توليد حوالي 10% من الكهرباء في العالم بواسطة 440 مفاعلا نوويا وهناك 56 مفاعلا اخر قيد الانشاء في 15 دولة اي ما يعادل 15% من الطاقة الحاليةفي عام 2021زودت المحطات النووية 2653 تيراواط ساعة من الكهرباء ارتفاعا من 2553 تيراواط ساعة في عام 2020 لا تنتج هذه المحطات اي انبعاثات للغازات الدفيئة اثناء التشغيل .
لقد نجحت العديد من الدول ومنها فرنسا والامارات العربية المتحدة في دمج الطاقة النووية في خليط الطاقة لديها وتوفير الطاقة النظيفة فضلا على ما تحققه الطاقة النووية دورا في تعزيز اهداف التنمية المستدامة بما فيها الرعاية الصحية والامن الغذائي والحصول على المياه النظيفة والصناعة والنمو الاقتصادي ومن المقدر ان تكون السوق العالمية للمنتجات والخدمات والوقود النووي ذات قيمة عالية على مدى السنوات المقبلة لتحفيز التنمية الاقتصادية وخلق فرص العمل والتي نأمل ان يكون للعراق نصيبا في هذا المجال .
مسير الالف ميل في العراق تبدء بخطوة صحيحة
مما لاشك فيه ان الاتجاه الذي تبناه صناع القرار في الحكومة العراقية لدراسة امكانية تبني المشاريع النووية للاغراض السلمية والبحثية وتوليد الطاقة ما هي الا خطوة لتحديد المسار ضمن خارطة طريق طويلة تحتاج الى تصحيح الفكر السابق وتحديد الاولوية والاطراف المعتمدة لتبني المشروع وعلى المدى الطويل .
تعد الخطوة الاولى التي صرحت للرأي العام وتم الاعلان عنها في جريدة الوقائع الرسمية ضمن عددها (4720) والذي تضمن اهم قانونين في هذا المجال الاول قانون رقم 5) لسنة 2023 ( انضمام العراق لاتفاقية الامان النووي) والتي تبنته الوكالة الدولية للطاقة الذرية والذي دخل حيز التنفيذ سنة 1996 اما القانون الثاني فشمل قانون رقم (7) لسنة 2023 (انضمام العراق الى الاتفاقية المشتركة بشأن امان التصرف في الوقود المستهلك وامان التصرف في النفايات المشعة ) والذي دخل حيز التنفيذ سنة 2001 ان صك انضمام جمهورية العراق لاتفاقية الأمان النووي، والاتفاقية المشتركة بشأن أمان التصرف في الوقود المستهلك وأمان التصرف في النفايات المشعة ما هي الا اشارة الى ان يأخذ العراق مكانته وحقه بامتلاك الطاقة النووية للاغراض السلمية تعد الخطوة الاولى ضمن المسار الصحيح حيث أرسل العراق للوكالة الدولية خطته من 2023 إلى 2030، التي تتضمن إنشاء مفاعلات نووية ومنظومات تحت الحرجة ومحطات كهرونووية، تسمى دورة الوقود النووي، فيما تحتاج البلاد من 5 إلى 6 سنوات لإنشاء مفاعل جديد.
سيناريو التوصيات المقترحة
- لاجل ان نخرج من بودقة الاتفاقيات الاعلامية وتمكينها بالصورة التي تمكن صانع القرار من تحقيق الاهداف على ارض الواقع لابد لنا من الوقوف على كافة الامور اللوجستية التي من الممكن ان تكون عقبة في التنفيذ وتسليط الضوء عليها وهي تعدد الجهات الرسمية التي تمتلك نفس المهام ضمن هذا المجال والاولى ان يتم اذابتها بقوانينها بتعليماتها بتشكيلاتها ضمن مهام (هيئة الطاقة الذرية العراقية ) والذي تم تاسيسه بموجب القانون رقم (43) لسنة 2016 تتمتع بالشخصية المعنوية، وترتبط بمجلس الوزراء حيث من اهم الاسباب الموجبه لتشكيل هذه الهيئة لغرض تأسيس هيئة متخصصة بالعمل في مجال الإستخدامات السلمية للطاقة الذرية والإشعاعات المؤينة في الصناعة والزراعة والصحة وتوليد الطاقة الكهربائية وإدارة الموارد المائية وتطبيق تقنياتها ومواكبة التطورات العلمية والتكنولوجية الموجهة لغرض دعم عملية التنمية المستدامة والحفاظ على الإنسان والبيئة العراقية وفق اَلية عمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية
- ابرام الاتفاقيات الاستراتيجية طويلة الامد والمشتركة مع الدول التي لديها باع طويل في هذا المجال والتي من الممكن ان تكون قوى ساندة لانشاء هكذا مشاريع استراتيجية عملاقة ومنها ( الجانب الروسي ، الصيني ، وغيرها ) .
- انشاء صندوق للدعم النووي للاغراض السلمية من شاءنها ان تكون كضمانة مستقبلية لانشاء هكذا مشاريع بعيدا عن تعذر عجز الموازنة.
- دعم العراق لاتخاذ كافة الضمانات المتاحة لانجاح هكذا مشاريع وضرورة انضمامه ايضا الى (اتفاقية التبليغ المبكر عن وقوع حادث نووي) و( اتفاقية تقديم المساعدة في حالة وقوع حادث نووي او طارئ اشعاعي )