التنمر على مواقع التواصل الاجتماعي وتاثيرها على المجتمع

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2024-07-28 04:28:44

مقدمـــة

في زمن الاتصال السريع والمتزايد عبر وسائل الإعلام المختلفة، أصبحت الإعلامات الحديثة ليست فقط مصدرًا للمعلومات والترفيه، بل أيضًا منبرًا يمكن أن يؤثر بشكل كبير على الآراء والمشاعر الجماعية. ومع ذلك، يظهر أحيانًا الاعلام بشكل يشكل تهديدًا على النظام الاجتماعي والمجتمعي، اذ  يتبنى أساليب النقد العدواني والمضلل، مما يعرف بالاعلام المتنمر. في سياق العراق، تصبح هذه الظاهرة خطيرة بشكل خاص، مع تأثيراتها السلبية على السلام الاجتماعي والوحدة الوطنية. يسعى هذا المقال إلى استكشاف فهم أعمق لظاهرة الاعلام المتنمر، وتحليل تأثيرها الضار على المجتمع العراقي بشكل خاص، والاعلام المتنمر على مواقع التواصل الاجتماعي يشير إلى استخدام هذه المنصات بطريقة عدوانية أو غير مسؤولة، بهدف تشويه سمعة أفراد أو مجموعات دون مراعاة للحقائق أو الآثار السلبية على الضحايا. يتميز الاعلام المتنمر على مواقع التواصل الاجتماعي بالنقد اللاذع، الافتراءات، التشهير، وانتهاك الخصوصية، مما يؤدي إلى زيادة التوترات الاجتماعية وتأثير سلبي على الصحة النفسية للأفراد المستهدف

التنمر على مواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن تظهر كالاتي:-

  1.  التشهير والافتراء نشر معلومات كاذبة أو مغلوطة عن أفراد أو مجموعات، بهدف تشويه سمعتهم أو تضليل الرأي العام عنهم.
  2. النقد العدائي واللاذع استخدام لغة عدائية أو تهجمية في التعليقات أو المشاركات، دون مراعاة للأخلاقيات أو الاحترام المتبادل.
  3. التحريض والكراهية نشر محتوى يحرض على الكراهية أو التمييز ضد فئة معينة، سواء على أساس عرقي، ديني، جنسي أو غيره.
  4. التعليقات المسيئة والعنصرية توجيه تعليقات عنصرية أو مسيئة لأفراد أو مجموعات بناءً على خصائصهم الشخصية أو الثقافية.
  5. الانتهاكات الخصوصية نشر معلومات شخصية أو خاصة عن أفراد بدون إذنهم، مما ينتهك خصوصيتهم ويعرضهم للمشاكل الشخصية والقانونية.
  6. التفاعل بشكل سلبي مع الآخرين تعليقات مستفزة أو تهديدات أو تصرفات عدوانية تجاه أفراد أو مجموعات، مما يزيد من التوترات الاجتماعية والنفسية.

التنمر على مواقع التواصل الاجتماعي يواجه عدة تحديات تؤثر على المجتمعات

  1. انتشار الأخبار الكاذبة والشائعات يتسم الاعلام المتنمر بنشر الأخبار الكاذبة والشائعات دون التحقق من صحتها، مما يؤدي إلى إثارة الذعر والتوترات في المجتمعات.
  2.  تأثيرات نفسية على الأفراد المستهدفين ، مثل القلق والاكتئاب والشعور بالعزلة.
  3. تضليل الرأي العام وتأثيره على السياسات العامة قد يؤدي انتشار الاعلام المتنمر إلى تشويه صورة الأشخاص أو المؤسسات، مما يؤثر سلباً على سمعتهم ويؤثر على اتخاذ القرارات السياسية والقانونية.
  4. زيادة الانقسامات الاجتماعية يمكن أن يعزز الاعلام المتنمر الانقسامات داخل المجتمعات، سواء على أساس عرقي، ديني، سياسي أو ثقافي، مما يعقد التعايش والتفاهم بين أفراد المجتمع.
  5.  صعوبة التحكم والتنظيم تشكل مواقع التواصل الاجتماعي بيئة غير محكومة تماماً، مما يجعل من الصعب تطبيق القوانين والتشريعات لمكافحة الاعلام المتنمر والتصدي له بفعالية
  6. تدني مستوى الوعي الإعلامي والرقابة الذاتية قد يفتقر بعض المستخدمين إلى الوعي الكافي بأخطار الاعلام المتنمر والتأثيرات السلبية لنشر المعلومات غير الدقيقة، مما يؤدي إلى زيادة الانتشار والتأثير الضار لهذه الظاهرة.

تواجه هذه التحديات العديد من الدول والمجتمعات حول العالم، وتتطلب استراتيجيات متكاملة وجهود مشتركة من قبل الحكومات والمنظمات والمجتمع المدني لمواجهة ومكافحة الاعلام المتنمر وتقليل تأثيراته السلبية.

لمواجهة التحديات ، يمكن اعتماد عدد من التوصيات والخطوات التي تساهم في تقليل تأثيراته وتعزيز الوعي الإعلامي والرقابة.

1-  التوعية والتثقيف الرقمي

  • تنظيم حملات توعية منظمة تستهدف المستخدمين على مواقع التواصل الاجتماعي حول مخاطر الاعلام المتنمر وكيفية التعرف عليه والتعامل معه.
  • تضمين التثقيف الرقمي في مناهج التعليم لتعليم الطلاب كيفية الحفاظ على السلوك الرقمي الإيجابي والآمن.

2- تعزيز القوانين واللوائح الرقابية

  • تطوير وتعزيز القوانين واللوائح التي تنظم استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، بما في ذلك مكافحة التشهير والافتراء والتحريض على الكراهية.
  • تشجيع الشركات المالكة للمنصات على تطبيق سياسات صارمة ضد الاعلام المتنمر وإزالة المحتوى غير المناسب بشكل سريع.

3-  الرقابة الذاتية والمسؤولية الاجتماعية

  • تشجيع المستخدمين على ممارسة الرقابة الذاتية والتفكير النقدي قبل نشر أو مشاركة المحتوى، والتأكد من صحته ومناسبته.
  •  تعزيز المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات والأفراد على حد سواء، بمنع المشاركة في الاعلام المتنمر وتشجيع السلوك الإيجابي والبناء على الإنترنت.

4- الشفافية والتعاون الدولي

  • التعاون بين الدول والمنظمات الدولية لتبادل المعرفة والخبرات في مجال مكافحة الاعلام المتنمر وتطوير استراتيجيات فعالة.
  • الشفافية في عمليات التحقيق الإعلامي والنشر، لزيادة الثقة العامة بالمعلومات المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي.

5- التحقق الصحفي والمعلومات الدقيقة

  • دعم وتشجيع الصحافة المهنية والتحقيق الصحفي ، الذي يساهم في تقديم معلومات دقيقة وموضوعية للجمهور.
  • تعزيز الحوار العام البناء والمناقشة النقدية البناءة حول الموضوعات المثيرة للجدل على مواقع التواصل الاجتماعي.

الخاتمـــة

في ختام النقاش حول التنمر على مواقع التواصل الاجتماعي، يتبين أن هذه الظاهرة تشكل تحدياً كبيراً يؤثر على المجتمعات والأفراد على السواء. تتطلب مواجهة هذه الظاهرة جهوداً مشتركة ومتكاملة من الحكومات، والمنظمات، والمجتمع المدني، والأفراد أنفسهم.

من خلال التوعية الإعلامية والتثقيف الرقمي، وتشديد الرقابة القانونية على المحتوى السلبي، وتعزيز الشفافية والمساءلة، يمكن تقليل تأثيرات الاعلام المتنمر وتحسين بيئة التواصل الاجتماعي.

علاوة على ذلك، يجب دعم  دور الصحافة المستقلة والتحقيق الدقيق كأدوات رئيسية لمكافحة الاعلام المتنمر وتقديم المعلومات الصحيحة والموضوعية.

بالتعاون والتكامل بين جميع الأطراف، يمكن أن نبني بيئة إعلامية واعية ومسؤولة على مواقع التواصل الاجتماعي تساهم في تعزيز الفهم والتسامح والتفاعل البناء بين الأفراد والمجتمعات.