النزوح والتاثيرات النفسية

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2024-07-16 05:37:19

الباحث :احمد مزاحم هادي

 قسم دراسات التطرف العنيف

الإنسان بفطرته كائن اجتماعي، لا يستطيع العيش بمفرده منذ بدء الخليقة، يسعىى للبقاء والتطور على المستوى الاجتماعي والعقلي وهذا مايميز البشر عن باقي المخلوقات، فهو يحتاج للآخرين للتواصل والتفاعل لتكوين العلاقات معهم.

اذ يعتقد جماعة الفلسفة الوجودية، التي يمثلها فلاسفة مثل جان بول سارتر وألبرت كامو، تنظر إلى السعادة من زاوية الحرية والاختيار الشخصي، يؤكد الوجوديون على أن الإنسان يجب أن يخلق معنى لحياته من خلال اختياراته وأفعاله، السعادة تأتي من الشعور بالمسؤولية تجاه الذات وتحقيق الذات من خلال اتخاذ قرارات واعية.

إن العزلة الاجتماعية حالة يعاني فيها الأفراد من نقص في التفاعل الاجتماعي والشعور بعدم الانتماء إلى المجتمع و يمكن أن تكون العزلة الاجتماعية اختيارية أو قسرية لها تأثيرات نفسية وجسدية، فضلاً عن التأثيرات الاجتماعية وما تحملها من عادات وتقاليد مختلفة قد تكون ايجابية أو سلبية تحملها معها إلى المجتمع الاصلي.

 ويُعد النزوح القسري ظاهرة عالمية تتزايد حدتها نتيجة للصراعات المسلحة، والكوارث الطبيعية، والتغيرات المناخية، إذ تعد النزاعات المسلحة السبب الرئيس للنزوح في العديد من المناطق حول العالم، اذ يؤدي العنف والاضطهاد إلى تهجير السكان بحثاً عن الأمان، وتترك هذه الظاهرة آثاراً عميقة على الأفراد والمجتمعات، مما يستدعي فهماً دقيقاً للأبعاد الاجتماعية للنزوح وتطوير استراتيجيات فعّالة للتعامل معها.

فمن الناحية الاجتماعية لها تاثيرات عديدة منها التفكك الأسري وتشتت المجتمعات، مما يُضعف الشبكات الاجتماعية ويزيد من صعوبة التكيف مع الأوضاع الجديدة، مما يخلق حالة من التوتر والقلق النفسي، اذ يعاني النازحون من فقدان الهوية والانتماء الوطني  بسبب الابتعاد عن مجتمعاتهم ومناطقهم الأصلية وصعوبة الاندماج في المجتمعات الجديدة، ويواجهون تحديات كبيرة في مواصلة التعليم مما يؤثر سلباً على مستقبلهم التعليمي والمهني، وكذلك تدهور الأوضاع الصحية في مناطق النزوح يؤدي إلى انتشار الأمراض ونقص الرعاية الصحية، مما يزيد من معاناة النازحين.

ومن التأثيرات النفسية للعزلة الاجتماعية الاكتئاب حيث تزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب بسبب الشعور بالوحدة والافتقار إلى الدعم العاطفي.

وكذلك قلق الأفراد المعزولين قد يشعرون بزيادة في مستويات القلق نتيجة لانخفاض التواصل والدعم الاجتماعي، وانخفاض التقدير الذاتي اذ يمكن أن تؤدي إلى شعور بعدم القيمة والانخفاض في التقدير الذاتي بسبب نقص التفاعل الاجتماعي الإيجابي.

والعزلة قد تساهم في ظهور أو تفاقم اضطرابات نفسية مثل اضطراب ما بعد الصدمة والاضطراب الثنائي القطب، وزيادة الى المخاطر الصحية اذ ترتبط بزيادة مخاطر الإصابة بأمراض جسدية مثل أمراض القلب والأوعية الدموية، ضعف الجهاز المناعي، وزيادة معدلات الوفيات.

العزلة الاجتماعية لها تأثيرات نفسية وجسدية كبيرة، ويمكن أن تؤدي إلى مشكلات صحية خطيرة إذا لم يتم التعامل معها بشكل مناسب. من خلال تعزيز الروابط الاجتماعية، استخدام التكنولوجيا بشكل إيجابي، والحصول على الدعم النفسي، يمكن للأفراد تقليل آثار العزلة وتحسين جودة حياتهم من خلال تعزيز الروابط الاجتماعية والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية، والانضمام إلى النوادي أو الجمعيات، والتطوع في الاعمال الخيرية يمكن أن يساعد في بناء روابط اجتماعية جديدة.

وكذلك الدعم النفسي من خلال  الحصول على المساعدة من المتخصصين في الصحة النفسية و الباحثين النفسيون مثل الاستشارة النفسية التي يمكن أن تساعد في معالجة آثار العزلة. و ممارسة الرياضة، وتناول غذاء صحي، والحفاظ على نمط حياة نشط يمكن أن يحسن الحالة النفسية والجسدية ويقلل من آثار العزلة.

وللمجتمعات المحلية وبرامج التوعية والتدريب التي تقوم بها المؤسسات الحكومية  والمنظمات الدولية دورراً حيوياً في استقبال ودعم النازحين من خلال توفير المأوى والمساعدة في الاندماج وهذه البرامج تساعد في تقليل التوترات وزيادة التفاهم المتبادل، لضمان الحصول على فرص التعليم والعمل و الحياة الكريمة لهم.