ظاهرة التسول وتأثيرها على الأمن القومي
التصنيف: مقالات
تاريخ النشر: 2024-06-27 09:11:25
كرار حيدر حسن
قسم دراسات المخاطر والازمات
مقدمة:
تعد ظاهرة التسول واحدة من الظواهر الاجتماعية السلبية التي تعاني منها العديد من الدول، بما فيها العراق. هذه الظاهرة لا تقتصر فقط على التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية، بل تمتد لتشمل جوانب أمنية خطيرة تؤثر على الأمن القومي. يعاني العراق من تفاقم ظاهرة التسول، خاصة في المدن الكبرى مثل بغداد، مما يستدعي تحليلًا معمقًا لفهم أسبابها وتأثيراتها على المجتمع والأمن القومي.
أسباب تفاقم ظاهرة التسول في العراق
- الأوضاع الاقتصادية السيئة: يعاني العراق من مشاكل اقتصادية كبيرة، بما في ذلك البطالة والفقر. هذه الظروف تدفع العديد من الأفراد، بمن فيهم الأطفال وكبار السن، إلى اللجوء للتسول كوسيلة للحصول على الدخل.
- النزاعات والحروب: تسببت النزاعات المتكررة والحروب في نزوح أعداد كبيرة من السكان، وفقدان العديد من الأسر لمصدر رزقها، مما أجبرهم على التسول للبقاء على قيد الحياة.
- ضعف النظام التعليمي: يفتقر النظام التعليمي في العراق إلى الاستقرار والكفاءة، مما يؤدي إلى ارتفاع نسبة الأمية والجهل، وبالتالي زيادة عدد المتسولين الذين لا يجدون فرص عمل بسبب نقص المهارات التعليمية.
- ضعف البرامج الاجتماعية الفعالة: البرامج الاجتماعية غيركافية لدعم الفئات الأكثر ضعفًا في المجتمع يساهم في تفاقم ظاهرة التسول.
أنواع وأساليب التسول:
يتخذ التسول انواع واساليب متعدده وهي :
- التسول الفردي:
- التسول المباشر: يتمثل في اقتراب المتسول من الأشخاص وطلب المال أو الطعام بشكل مباشر.
- التسول غير المباشر: حيث يعرض المتسول بضاعة بسيطة مثل المناديل الورقية أو اللعب الصغيرة بهدف كسب المال من خلال بيعها.
- التسول العائلي: في بعض الحالات، يقوم أفراد الأسرة بأكملها بالتسول معًا، مما يزيد من تأثيرهم على المارة ويزيد من احتمالية الحصول على التبرعات.
- استغلال الأطفال: يتم استخدام الأطفال في التسول لاستدرار عطف الناس وزيادة فرص الحصول على المال.
- التسول المنظم:
- عصابات التسول: يتم تنظيم المتسولين تحت إشراف أفراد أو مجموعات تستغلهم، حيث يتم توزيع المتسولين في أماكن معينة وتقسيم الأرباح بينهم وبين رؤسائهم.
- التسول الموسمي: ينتشر هذا النوع في مواسم معينة مثل الأعياد أو المناسبات الدينية، حيث يتزايد إقبال الناس على التصدق.
- التسول الإلكتروني:
- عبر الإنترنت: يستغل البعض وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية لطلب المساعدة المالية، من خلال نشر قصص مؤثرة أو ادعاءات بحاجة ماسة للمال.
أساليب التسول
- الأساليب التقليدية:
- التوسل بالكلمات: يستخدم المتسولون كلمات مؤثرة وعاطفية لاستدرار عطف الناس، مثل ادعاء الجوع أو الحاجة للعلاج.
- إظهار العجز: يتظاهر البعض بالعجز أو المرض للحصول على تعاطف المارة ومساعدتهم.
- الأساليب الحديثة:
- الادعاء بالحاجة الطارئة: يدعي المتسولون أنهم في حاجة ماسة وفورية للمال لحل مشكلة طارئة مثل شراء دواء أو دفع إيجار.
- استخدام الأطفال والنساء: يتم استخدام الأطفال والنساء لزيادة تأثير التسول، حيث أن مظهرهم يجذب تعاطف الناس بشكل أكبر.
- الأساليب الإبداعية:
- التمثيل: يقوم بعض المتسولين بتمثيل مواقف مؤثرة أو مظاهر إبداعية كالعزف الموسيقي أو أداء حركات بهلوانية لجذب الانتباه والحصول على المال.
- الكتابة على لافتات: يحمل المتسولون لافتات مكتوبة تشرح حالتهم المادية الصعبة أو حاجتهم للمساعدة، مما قد يؤثر على مشاعر المارة.
- التسول بالقوة:
- الإلحاح الشديد: يتبع بعض المتسولين أسلوب الإلحاح المتكرر وبشدة على المارة للحصول على المال.
- التهديد المبطن: قد يصل الأمر إلى تهديد المارة بشكل غير مباشر أو استخدام أساليب تخويف للحصول على المال.
تأثيرات أنواع وأساليب التسول
- اجتماعية: تؤدي إلى تشويه صورة المجتمع وزيادة الشعور بعدم الأمان بين السكان.
- اقتصادية: تسبب عبء على الاقتصاد المحلي بزيادة عدد الأفراد الذين يعتمدون على التبرعات بدلاً من العمل.
- أمنية: يمكن أن تسهم في زيادة معدلات الجريمة واستخدام الأطفال في أعمال غير قانونية.
تتعدد أنواع وأساليب التسول، وتتطور مع مرور الوقت لتصبح أكثر إبداعًا وتأثيرًا. للتصدي لهذه الظاهرة بشكل فعال، يجب أن تتكاتف الجهود الحكومية والمجتمعية لتوفير حلول جذرية ومستدامة، تركز على تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للأفراد الأكثر ضعفًا في المجتمع.
تأثيرات التسول على الأمن القومي :
تعد هذه الظاهرة من المظاهر التي تؤثر على الامن القومي من خلال :
- زيادة معدلات الجريمة: يرتبط التسول بارتفاع معدلات الجريمة في المدن. الفقر والبطالة يدفعان الأفراد إلى اللجوء إلى الجريمة كوسيلة للبقاء. وتعتبر سرقة المحلات والنشل من أبرز الجرائم المرتبطة بالتسول.
- استغلال الأطفال في التسول: الأطفال هم من أكثر الفئات التي تتعرض للاستغلال في أعمال التسول. هذا الاستغلال يمكن أن يكون بوابة لدخول الأطفال إلى عالم الجريمة المنظمة أو تجارة المخدرات، مما يشكل تهديدًا مستقبليًا للأمن القومي.
- تفاقم الأوضاع الصحية: يعيش المتسولون في ظروف صحية سيئة، مما يزيد من احتمالية انتشار الأمراض والأوبئة. هذا بدوره يضغط على النظام الصحي ويشكل تهديدًا لصحة السكان بشكل عام.
- التأثير على السياحة: تعتبر ظاهرة التسول من العوامل التي تؤثر سلبًا على صورة البلاد أمام الزوار الأجانب، مما يقلل من جاذبية العراق كوجهة سياحية ويؤثر على الاقتصاد الوطني.
الحلول الممكنة لمواجهة ظاهرة التسول
من الممكن ان نضع حلول مقترحه لهذه الظاهرة بما يلي :
- تحسين الأوضاع الاقتصادية: ينبغي على الحكومة العمل على خلق فرص عمل جديدة وتحسين ظروف العمل الحالية للحد من البطالة والفقر.
- تطوير النظام التعليمي: الاستثمار في التعليم وتوفير برامج تعليمية وتدريبية للفئات الأكثر ضعفًا سيساهم في تقليل أعداد المتسولين.
- تعزيز البرامج الاجتماعية: يجب تنفيذ برامج دعم اجتماعي فعالة تهدف إلى مساعدة الأسر الفقيرة وتمكينهم من تحسين ظروفهم المعيشية.
- التعاون مع المنظمات غير الحكومية: يمكن للمنظمات غير الحكومية أن تلعب دورًا كبيرًا في تقديم الدعم والإرشاد للمتسولين ومساعدتهم على إعادة الاندماج في المجتمع.
- تفعيل حملة الحكومة العراقية المنفذة بكانون الثاني 2009 والمتضمنة مشاركة خمس وزارات هي { حقوق الإنسان ، العمل والشؤون الاجتماعية ، الداخلية ، العدل ، الأمن الوطني}، وتقتضي الحملة إيداع المتسولين من كبار السن في دور رعاية المسنين ، وتوفير الرعاية للأيتام في دور الدولة الخاصة لهم ، وإيواء الأحداث في الدور التابعة لدائرة إصلاح الأحداثواخذ تعهدات خاصة من المتسولين الذين لا يفتقدون للرعاية الأسرية ومن ذويهم بعدم العودة لممارسة التسول،
- تفعيل تنفيذ المادة 93 من قانون العقوبات العراقي 111لسنة 1969التي تنص على معاقبة المتسول البالغ عمره 18 عاما فما فوق بالسجن لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر في حالة رجوعه الى التسول .
- على وزارة الداخلية ايعاز الى شرطة المرور بالتعاون مع مفاصل وزارة الداخلية ذات العلاقة بالتبليغ عن المتسولين المتواجدين في التقاطعات لغرض احتجازهم لكونهم يمارسون ظاهرة غير حضارية في العاصمة بغداد .
- الايعاز الى الجهات الاعلامية للقيام بحملات اعلامية توعوية في هذا المجال وذلك بتخصيص برامج تلفزيونية .
خاتمة:
تشكل ظاهرة التسول في العراق تحديًا كبيرًا يستدعي اتخاذ إجراءات فورية وفعالة للتصدي لها. من خلال تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وتطوير النظام التعليمي، وتعزيز البرامج الاجتماعية، يمكن تقليل أعداد المتسولين وحماية الأمن القومي. التعاون بين الحكومة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني ضروري لتحقيق هذا الهدف وضمان مستقبل أفضل للعراق.