الأمن البشري وعلاقته بالأمن القومي

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2024-06-24 08:06:22

 يعد مفهوم الأمن البشري من المفاهيم الحديثة التي ظهرت في نهاية القرن العشرين، وذلك نتيجة للتغيرات الكبيرة التي شهدها العالم في فترة ما بعد الحرب الباردة. يأتي هذا المفهوم ليضيف بُعدًا جديدًا لمفهوم الأمن التقليدي الذي كان يركز بشكل أساسي على حماية الدولة وحدودها من التهديدات الخارجية. في المقابل، يركز الأمن البشري على حماية الأفراد وضمان رفاههم وسلامتهم من مجموعة متنوعة من المخاطر التي قد تهدد حياتهم اليومية. في هذا المقال، سنتناول العلاقة بين الأمن البشري والأمن القومي وكيف يمكن تحقيق التوازن بينهما لضمان استقرار المجتمع.

مفهوم الأمن البشري

الأمن البشري هو نهج شامل يهدف إلى حماية الأفراد من التهديدات المتعددة التي يمكن أن تؤثر على حياتهم ورفاههم. هذه التهديدات لا تقتصر على النزاعات المسلحة والإرهاب، بل تشمل أيضًا الفقر والجوع والمرض والكوارث الطبيعية وسوء الحوكمة. يمكن تقسيم الأمن البشري إلى سبعة أبعاد رئيسية وهي:

  1. الأمن الاقتصادي: ضمان الوصول إلى الموارد المالية والفرص الاقتصادية.
  2. الأمن الغذائي: توفير الغذاء الكافي والآمن والمغذي للجميع.
  3. الأمن الصحي: حماية الأفراد من الأمراض والحصول على الرعاية الصحية الجيدة.
  4. الأمن البيئي: الحفاظ على بيئة صحية وخالية من التلوث.
  5. الأمن الشخصي: حماية الأفراد من العنف الجسدي والتهديدات الأخرى.
  6. الأمن المجتمعي: ضمان حقوق الأفراد في العيش بسلام داخل مجتمعاتهم.
  7. الأمن السياسي: توفير بيئة سياسية مستقرة تضمن حقوق الإنسان والعدالة.

مفهوم الأمن القومي

الأمن القومي يركز على حماية الدولة وحدودها من التهديدات الخارجية والداخلية التي قد تؤثر على استقرارها وسلامتها. يتضمن الأمن القومي مجموعة من التدابير والسياسات التي تهدف إلى منع التسلل غير المشروع وتأمين الحدود من التهديدات الخارجية ضمان استقلالية الدولة وعدم التدخل في شؤونها الداخلية ,مع  تطبيق قوانين وإجراءات لمواجهة التهديدات الداخلية والخارجية., و تطوير القوات المسلحة وتجهيزها للتصدي لأي تهديدات محتملة. و حماية البنية التحتية الحيوية مع  تأمين المنشآت الحيوية مثل محطات الطاقة والمياه والاتصالات.

 

العلاقة بين الأمن البشري والأمن القومي

تتداخل مفاهيم الأمن البشري والأمن القومي في العديد من الجوانب، حيث أن حماية الأفراد وضمان رفاههم يعد جزءًا أساسيًا من الأمن القومي. العلاقة بينهما يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

  1. التكامل والتوازن: تحقيق الأمن البشري يعزز الأمن القومي والعكس صحيح. فعندما يشعر الأفراد بالأمان والرفاه، يقل احتمال حدوث اضطرابات داخلية تؤثر على استقرار الدولة.
  2. الاستجابة المشتركة للتهديدات: التهديدات الحديثة مثل الإرهاب والتغيرات المناخية والأوبئة تتطلب استجابة مشتركة من خلال سياسات تشمل الأبعاد المختلفة للأمن البشري والأمن القومي.
  3. التنمية المستدامة: تحقيق التنمية المستدامة يتطلب التركيز على الأمن البشري لضمان استقرار طويل الأمد. تنمية القدرات البشرية وتعزيز الرعاية الصحية والتعليم تسهم في خلق مجتمعات قوية ومستقرة.
  4. الحوكمة الرشيدة: الشفافية والمساءلة واحترام حقوق الإنسان تعتبر من الأسس التي تدعم كل من الأمن البشري والأمن القومي.

في الختام، يمكن القول إن الأمن البشري والأمن القومي هما وجهان لعملة واحدة، حيث يكمل كل منهما الآخر لضمان استقرار وازدهار المجتمع. لتحقيق التوازن بين حماية الأفراد وضمان رفاههم من جهة، وتأمين الدولة وحدودها من جهة أخرى، وهو ضرورة ملحة في عالمنا المعاصر. من خلال تبني سياسات شاملة تركز على الأمن البشري وتعزز من قدرات الدولة في حماية أمنها القومي، يمكننا من بناء مجتمعات أكثر استقرارًا وأمانًا.

                                                                                   اللواء الركن الدكتور

                                                                                  خالد عبد الغفار البياتي

                                                                                قسم دراسات المخاطر والازمات