العنف الاسري وأثره في نشوء التطرف

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2024-05-08 19:57:09

الباحث

مصطفى رحيم الغراوي

قسم الدارسات الاجتماعية

تعد الأسرة الأساس الذي تتكون منه المجتمعات، فمتى ما كانت الأسرة تعيش حالة من الانسجام دل ذلك على تماسك وقوة كل من المجتمع والدولة لذلك فقد حظيت الأسرة باهتمام وحماية على كافة المستويات انطلاقا من الديانات والتشريعات الوطنية وصولاً إلى الاتفاقيات الدولية منها ميثاق الأمم المتحدة عام (1045) حيث نصت الفقرة ثالثا على تعزيز احترام حقوق الانسان وعدم التفرقة بين المرأة والرجل والاعلان العالمي لحقوق الانسان عام (1948) حيث نصت المادة (12) الذي يقضي بحماية الاسرة من أي تدخل تعسفي في الحياة الخاصة للفرد او اسرته ومنع شن حملات على الشرف والسمعة

فلأسرة تعد العنصر الأول في عملية التنشئة الاجتماعية وإن للتنشئة دور مهم في تشكيل نمط شخصية الانسان حيث انها البنية الثقافية الذي التي تمنح الفرد خصائص إنسانيته، والتطرف هو انعكاس لدرجات العنف والايذاء في أساليب التنشئة السائدة في المجتمعات، حيث ان العنف الأسري يزداد انتشاره يوما بعد يوم في ضوء الواقع الذي يشهده مجتمعنا من انتشار الموبقات والكريستال و الفايز و الاستعمال الخاطئ لمواقع التواصل الاجتماعي الذي زعزع تماسك الاسرة، فكثيرا ما تكون السلوكيات المضطربة للأفراد سببها الأسرة التي واجبها الحقيقي حماية افرادها وتعليمهم ورعايتهم وتوجيههم بالمعاير الاجتماعية الرصينة فكيف اذا كانت الأسرة هي السبب في تعنيف أفرادها من خلال الايذاء المادي واللفظي والنفسي.
ويعرف العنف الاسري على انه سلوك عدواني وعدائي بين أفراد الأسرة يتسبب في إحداث إصابات أو أذى وإذلال وفي بعض الأحيان يصل إلى حد الوفاة، وما يصاحب هذه السلوكيات من حدوث إيذاء جسدي أو نفسي وإتلاف للممتلكات أو الحرمان من الاحتياجات الأساسية(1)

احدى اهم الاسباب التي زادت من حدة العنف الاسري في مجتمعنا هي الازمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ومواقع التواصل الاجتماعي، من خلال الادلجة الفكرية التي نزعت الأفكار المتسقة داخل المجتمع وبالتالي تغيرت اتجاهات الافراد نحو ثقافات وتوجهات لا تناسب عادتنا وتقاليدنا المتمثلة بالدين والعروبة والقيم الاجتماعية الرصينة، حيث تقدر حالات العنف الاسري حوالي (18436) حالة عنف اسري وفقاً لإحصائية مجلس القضاء الأعلى خلال عام 2023 والتي شملت تعنيف النساء والرجال وكبار السن والأطفال حيث ان هذه الإحصاءات تعد قليلة فمن خلال لقاءات الباحث مع بعض النساء والاطفال المعنفين وسؤالهم عن السبب الذين يجعلهم يعزفون عن تقديم شكواهم للقضاء يكون جوابهم انهم لا يقدمون على اقامة الدعوى خشية من الفضيحة أو قتلهم نهائيا من قبل ذويهم بالتالي اغلب المعنفين يلجأون للهروب من ديارهم الى محافظات أخرى، ويكونون أكثر عرضة لاستقطابهم من قبل العصابات المنظمة، ان اهم الأسباب المؤدية للتطرف هو أن يعيش الفرد هذه الحالة التي لا يشعر فيها بالانتماء للأسرة التي ولد فيها، والانفصال عنها وعدم الحرص على البقاء داخلها، فقد يكون الفرد مغتربا نفسيا عن المجتمع، مما قد يبرر له الخروج عن المعايير

الاجتماعية السائدة في المجتمع

بالتالي اغلب المعنفات يهربن ويكون ملاذهن الحانات الليلة ومراكز التجميل الغير مرخصة، وتجارة المخدرات وتعاطيها، والاطفال والمراهقين تنتظرهم الاعمال الشاقة والتسول في التقاطعات، وتجارة المخدرات والعصابات الاجرامية، وتزداد حدة التطرف متى ما كانت المدة التي عاشها الفرد داخل هذه المجتمعات مدة مؤلمة وسلبية، ومما قد يزيد من حدته أيضا إن يكون مصدر الايذاء والسلبية هو المصدر الذي

يجب أن يكون مصدر الحب والعاطفة والتعليم كالأسرة مثلا أو القائم بالرعاية، إن الممارسات السلبية التي يقوم بها أفراد الأسرة والتي في مقدمتها ممارسة العنف قد تكسب الفرد اتجاهات سلبية ويكون متطرفا تجاه المجتمع ككل

لذا من الضروري توفير الدعم اللازم لخدمات التأهيل النفسي للمعنفين من خلال عمل مراكز الايواء لهم، خاصة في المحافظات التي لا تمتلك مراكز ايواء لضحايا العنف الاسري وتوفير المرشدين النفسيين في كافة المؤسسات خاصة المدارس والجامعات، كذلك عقد ندوات ومؤتمرات دولية سنوية عن العنف الأسري بصفة عامة حيث يشارك فيها كافة مؤسسات الدولة المعنية بالعنف والفضائيات والمنظمات الدولية والمحلية والمختصون بالشأن الاجتماعي والنفسي واقرار قانون العنف الاسري و اجراء بحوث ودراسات شاملة في جميع محافظات العراق تستهدف معرفة حجم ظاهرة العنف الأسري لغرض وضع المعالجات المناسبة التي تحد من هذه الظاهرة



1. فاطمة أحمد أمين، مقياس العنف الأسري، مجلة دراسات في الخدمة الاجتماعية والعلوم الإنسانية، العدد السادس، مصر.