الشائعات النفسية وأثرها في مواقع التواصل الاجتماعي

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2024-04-16 16:36:54

الباحث

 مصطفى رحيم الغراوي

قسم الدراسات الاجتماعية والنفسية

ان التغيرات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها المجتمعات وما صاحبها من ثورة في عالم الاتصال جعلت العالم بمثابة قرية صغيرة حيث اصبحت المعلومة التي تنتشر في جزء من العالم تنشتر بسرعة في بقية الاجزاء وفي هذا الزمن المتغير التي تتسارع به ثورة الاتصالات لم تعد مهمة نقل الاخبار والمعلومات تقتصر على الوسائل التقليدية بل تعدتها الى وسائل جديدة تزداد اهمية عنها دخلت على خط المعلومة وأصبحت طرفاً رئيسياً فيها، ولعل مقاطع اليوتيوب والواتس اب والاكس والإنستغرام باتت تتصدر المشهد في نقل المعلومة لكن ما مدى مصداقية هذه الوسائل في نشر الحقائق والاكاذيب وأخطر هذه الأكاذيب هي الشائعات النفسية .

 ويقصد بها الترويج للأخبار المختلقة التي لا أساس لها في الوقع او تعمد المبالغة فيها او التهويل والتشويه في سرد الاخبار فيه جانب ضئيل من الحقيقة وذلك لغرض التأثير النفسي بالرأي العام تحقيقا لأهداف سياسية واقتصادية واجتماعية ودائماً ما تتميز عن الشائعات الأخرى ان خطورتها تكمن في هدم الروح المعنوية للمجتمعات[1]

حيث وجدت نفسها أمام مسرح رقمي كبير للنفاذ والانتشار والعيش لمدة طويلة، في ظل سرعة انتشارها وبتكتيكات متنوعة قد يصعب على الشخص العادي وحتى المحترف من كشفها ورصدها ومن ثم تفنيدها وقتلها، إن أخطر ما في تلك الشائعة هي عندما تبدل جلدها وترتدي ثوب الشائعة النفسية، مستهدفة بذلك قلب المجتمع وكينونته، ولتلقي بسمومها المعدة بعناية ودقة على كل من يروم بتصفحها والتفكير بها ونقلها كحقيقة، سواء كان ذلك بوعي أو بدونه. ودائما ما تظهر الاشاعة في فترات وتختفي في فترات أخرى. ولها أشكال متعددة وبدوافع مختلفة وهناك عدة أنواع منها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعسكرية مثل شائعات حرب الأعصاب التي تؤدي الى تحطيم معنويات المواطنين من خلال إطلاق شائعات تثير القلق والفزع خصوصا الشائعات الطائفية التي تخلق جماعات متعصبة التي تفرق بين الطوائف والمذاهب وشائعات الرعب التي يراد بها تحطيم المعنويات وخلق حالة من الذعر والرعب والخوف في مثل شائعات انهيار سد الموصل و شائعات الحقد والكراهية التي يراد بها خلق حالة من حالات الكراهية وعدم تقبل الاخر في المجتمع الواحد وتقوم بتحطيم النسيج الاجتماعي مثل الشائعات التي تقول هنالك مشاكل  بين العرب والاكراد و شائعات التنبؤ التي يطلقها الدجالون بحجة التنبؤ للتفكير في تحقيق اماني معينة والشائعات السياسية التي دائما ما تستهدف  الشخصيات السياسية والعسكرية والاعلامية لتحطيم سيرتهم الذاتية باتهامهم بالفساد والعلاقات المشبوهة

تتحرك الشائعات حسب نوعها فهناك الشائعات الزاحفة التي يكون فيها عامل الزمن بطيء جدا وتنتقل بشكل سري والغاطسة التي تنتشر في ظروف معينة وتختفي بعد فترة لكنها تعاود الظهور متى ما وجدت نفس الظروف التي اتيحت في الفترة الأولى والاندفاعية التي تنتقل بسرعة فائقة ودائما ما تستند الى المشاعر الانفعالية العنيفة.

إذ لم تعد الشائعات كما كانت ومتنقلة عبر شفاه الناس ككلمات وقصص بل أصبحت اليوم تتجسد بمظاهر الخبر والنص والصورة والفيديو وبأدوات مذهلة خاصة بالفبركة، عبر ما تقدمة تطبيقات الذكاء الاصطناعي بهذا المجال.

فأصبحت الشائعة اليوم أمام كل إنسان وتحديدا في ذلك المخلوق الصناعي الصغير المسمى (الهاتف الذكي) الذي أصبح عنصر نفع ووسيلة خلق ونقل للشائعات النفسية في المجتمع وبسرعة مذهلة

وعليه من الضروري التعامل مع الاخبار بمنطقية و التأكد من المصدر خصوصاً مع الأخبار الحساسة و المهمة ومحاربة الصفحات والكروبات  التي دائما ما تنسخ وتلصق أخبار بلا مصادر وتنشرها بداعي الحقد والكراهية او بداعي الحصول على اكثر عدد من اللايكات  كذلك اجراء دورات توعوية وتثقيفية في كافة مؤسسات الدولة كذلك الجامعات والمدارس لتوعية الشباب بكيفية التعرف على الشائعة وطرق الوقاية منها وانشاء اقسام لمكافحة الشائعة في كافة مؤسسات الدولة تقوم بجمع وتحليل وتفنيد الشائعات كذلك تفعيل قانون الجريمة الكترونية لردع ومحاسبة مروجي الشائعات في مواقع التواصل الاجتماعي.

 

 

 

 

 

 


[1] محمد أبو زهر، العقوبة، دار الفكر العربي سنا.1976